خاص "هي": في الأدب والفلسفة.. مسيرة نجاح أدبية مع الروائية السعودية نسرين غندورة
خاص "هي": في الأدب والفلسفة.. مسيرة نجاح أدبية مع الروائية السعودية نسرين غندورة
حوار شروق هاشم
12/05/2024 شروق هاشم
سطرت الأديبة والروائية السعودية نسرين غندورة قصة نجاح متميزة في الأدب والفلسفة.. في إطار رؤيتها الأدبية التي تتضمن السعي إلى تقديم إضافة نوعية للأدب العربي، وإحترافها الكتابة الإبداعية، ولكونها من أوائل السعوديات الحاصلات على اعتماد CMT تفكير فلسفي في الشرق الأوسط من معهد بصيرة، والذي يعد أول معهد في الشرق الأوسط لتعليم مهارات التفكير الفلسفي.. التقتها "هي" في حوار خاص تحدثت من
خلاله عن أبرز المحطات في مسيرة نجاحها المتميزة
عرفينا عن نفسكِ
أديبة سعودية أصدرت روايتي "النهر الثالث" و"جموح الروح"، وميسرة معتمدة في التفكير الفلسفي (P4C - PE) ، احترفت الكتابة الإبداعية للمحتوى الإعلاني باللغتين العربية والإنجليزية في وكالة DDB العالمية بجدة، حصلت على ماجستير استراتيجيات إيسام Brand Strategy من OMNES ، انضممت لفريق مجلة بنيبال في لندن التي تُعني بترجمة الأدب العربي للغة الإنجليزية والإسبانية، وشاركت في التخطيط والتنظيم لعدة أنشطة ثقافية تقيمها المجلة، وشاركت في العديد من معارض الكتب العربية.
ولله الحمد، وفي خطوة جميلة للمرأة السعودية في مجال الفلسفة.. حصلت مؤخرا على الاعتماد CMT تفكير فلسفي من معهد بصيرة، أنا وزميلتي "رنا حفني" لنكون أول سعوديتين تحصلان عليه في الشرق الأوسط، بعد مدربتنا الاستاذة "داليا تونسي" مؤسِسة معهد بصيرة.
كيف تصفين رؤيتكِ الأدبية؟
أسعى إلى تقديم إضافة نوعية للأدب العربي، تشكل امتداداً معاصراً للثقافة الإسلامية العربية الأصيلة، فأستلهم روايات من العناصر الجوهرية في هذه الثقافة، فالحضارة الإسلامية في بغداد ألهمتني بفكرة روايتي الأولى "النهر الثالث"، وقيم الفروسية العربية ألهمتني بفكرة روايتي الثانية "جموح الروح"، أؤمن بأن الكتاب الأدبي ينبغي أن يكون تحفة فنية لذلك أهتم بجودته شكلاً ومضموناً، وأحرص على التعاون مع أفضل المختصين لإخراجه بأعلى جودة ممكنة.
حدثينا عن أبرز خطواتكِ الهادفة إلى صقل موهبتكِ الأدبية وتوسيع آفاقكِ الفنية.
دفعني شغفي بالتعلم وصقل موهبتي الأدبية إلى الالتحاق بعدة دورات في الكتابة الإبداعية في
London School of Journalism Oxford Royal Academy ، City University، Faber Academy، وغيرها، كما حصلت على شهادة في التفكير التصميمي والابتكار للأعمال من INSEAD وشهادة في القيام على المعارض الفنية وتنظيمها وإدارتها من City University لأوسع أفاقي الفنية وأصمم تجارب مبتكرة لقرائي في الفعاليات الثقافية.
كان لكِ الكثير من المشاركات كعضو فعال في المجتمع الثقافي، حدثينا عن أبرز هذه المشاركات.
أعتز بكافة مشاركاتي لأكون عضو فعال في المجتمع الثقافي، ومن أبرزها المشاركة في عدة فعاليات ثقافية مثل الاحتفال باليوم العالمي للكتاب في مكتبة الملك الفهد وإلقاء محاضرة بعنوان "نجيب محفوظ حكاية بلا نهاية"، وأيضاً المشاركة في النسخة الثانية من وميض بإلقاء محاضرة "فن مستوحى من فن"، وكذلك أحرص على القيام بنشر محتوى ثقافي وأدبي عبر حساباتي الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي
قدمتِ العشرات من المحاضرات وورش العمل والحقائب التدريبية في الأدب والتفكير الفلسفي والكتابة الفلسفية.. حدثينا عن ذلك.
أنا مُيسرة معتمدة في المستوى الثالث (المعلم المتفلسف) للتفكير الفلسفي P4Cمن معهد بصيرة ومؤسسة Dialogue works ، قمت بتصميم وتيسير فلسفي لـ "برنامج بين السطور" في معهد بصيرة للاستشارات التربوية منذ 2020، حيث يهدف البرنامج إلى تدريب المشاركين على استخدام أدوات التفكير الفلسفي للتفكر والحوار السقراطي حول أعمال أدبية وفلسفية خالدة.
كما شاركت كميسرة في برنامج "صوت الشباب" الذي أطلقته مؤسسة مسك الخيرية (2021 – 2022) ، بالإضافة إلى تصميم وتيسير ورشة "دبلوماسية الفضاء" ضمن مؤتمر الفلسفة الدولي في الرياض في دورته الثانية 2022، وقد حضرها نخبة من ضيوف المؤتمر المتخصصون في مجال الفضاء، وكذلك قمت بتصميم وتقديم حقيبة تدريبة مكثفة في الفلسفة (50) ساعة ضمن برنامج "تدريب مكثف في الفلسفة" في نسخته الأولى 2023 ، وأعددت وقدمت ورشة "ما معنى هويتك الذاتية؟" في مؤتمر الفلسفة الدولي 2023 ، كما أعددت وقدمت حلقة بودكاست بعنوان "فلسفة الفن والجمال" في بودكاست بصيرة.
تعد رواية "جموح الروح" رواية راقية وقيمة.. حدثينا عن الإخراج الفني للرواية، وعن مضمونها.
أصدرت روايتي الثانية "جموح الروح" في يناير 2024 وتشرفت بنشر الرواية مع "دار كــ" والعمل مع الناشرة الرائدة الأستاذة "خلود عطار"، وتشرفت بالتعاون مع المصور الفوتوغرافي القدير الأستاذ "أمين قيصران" والخطاط القدير الأستاذ "وسام شوكت" لتصميم الغلاف واللوحات الداخلية، وتمت طباعتها بأعلى جودة، حيث عملنا معاً بإخلاص وشغف لنثري المحتوى الأدبي السعودي والأدب العربي بتقديم رواية راقية وقيمة، تشكل امتداداً معاصراً لثقافتنا العربية الأصيلة، راجين أن يترك أثراً طيباً لدى القراء الكرام.
يروي أحداث الرواية أحد شخصياتها سهيل سالم المبراق من منظوره الشخصي، يستلم سهيل رسالة من حبيبته التي عرفها منذ عشرين عاماً، عبر الرسالة تذکره حبيبته بتاريخ مناسبة سنوية يحتفلان بها معاً، وتطلب منه أن يهديها هدية ترمز لأغلى ما يملك من الناحية المعنوية في تلك المناسبة، تدفعه تلك الرسالة للتفكير بعمق، يقوم بحصر ثروته المعنوية، فيدرك أن قصته هي الهدية المناسبة، لأن أحداثها جعلته يرى ملامح روحه، ويعتقد أنها أغلى شيء لدى الإنسان، كونها تمثل جوهر هويته الفردية.
تستكشف "جموح الروح" مفهوم العلاقات، علاقة الإنسان بالله وبالناس وبشغفه وبنفسه، وتتأمل في الطُرق التي تؤثر بها العلاقات على بعضها، وكيف نتطور ونتغير مع كل قصة نعيشها، ونكتشف أبعاداً جديدة لهويتنا الفردية.
تتميز الرواية بجانب ثقافي متعلق بالفروسية والخيل العربية، يظهر في الجانب العملي من حياة سهيل كونه فارس ومروض خيول محترف، يملك مجموعة من الخيول العربية النادرة.
ما هي ردور فعل القراء على "جموح الروح"؟
ولله الحمد.. الانطباعات الأولى إيجابية ومعظم القراء استمتعوا بلغة السرد الجزلة، وأيضا ناقشوني في عمق الشخصيات فهى متعددة الطبقات ولا يسهل على القارئ الحكم عليها .. وأعتبر هذا موشر جيد لأن هدفي أن ادفع القارئ للتفكير قبل القفز للاستنتاج وإدراك عمق وثراء تجاربنا الإنسانية.
حدثينا عن روايتكِ الأولى "النهر الثالث".
شاركت بروايتي "النهر الثالث" في عدة فعاليات ثقافية: معرض الشارقة الدولي للكتاب ومعرض بيروت للكتاب ومعرض أبو ظبي الدولي للكتاب ومقهى الشباب في مؤتمر الفكر العربي، ونُشرت عدة مقالات باللغتين العربية والإنجليزية حول هذه الرواية، وأجريت معي لقاءت صحافية وتلفزيونية وإذاعية في عدة مؤسسات إعلامية عريقة.
تناولت رواية النهر الثالث الحرب على العراق 2003 من منظور إنساني، وقد استوحيت كروائية عنوان الرواية من أحد الأسماء التي عُرف بها العراق "بلاد الرافدين" حيث أضفت إليهما نهراً ثالثاً نبع من دموع الشعب العراقي، بسبب معاناته من ويلات الحروب والكوارث المتتالية.. ظلت بغداد مقيدة بأغلال الحصار ومحجوبة خلف دخان الانفجارات حتى كدنا ننسى ثراء تراثها وعراقة تاريخها.. لم نعد نسمع عنها سوى أخبار الموت والحصار.
عبر صفحات الرواية يسافر القارئ إلى بغداد ليرى ببصيرته مالم يره ببصره، ويتعرف على معالمها التي تمردت على الدمار الشوارع والأسواق والمقاهي والميادين، ويعيد قراءة أساطير عشتار وكلكامش بنظرة معاصرة، ليدرك أن حقيقة بغداد أغرب من خيالها بكثير! مع أفراد الفريق الصحفي أحمد وعماد وعلاوي يكتشف القارئ بغداد ويقرأ ما بين السطور في يومياتها، يعيش معها الموت قذيفة بقذيفة، يسمعها وهي تردد مولا حزيناً كتبته بدموعها على بحر الدم، يشمها وهي تتعطر برائحة الخبز كل صباح، يتجرع ماء نهرها الثالث، ويخوض تجربه إنسانية فريدة مفعمة بالأمل والألم.
ماهي قراءاتكِ للمشهد الثقافي الأدبي في السعودية حاليا؟
الحمد الله هناك تطور ملحوظ ونشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله-، وسمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، على دعم القطاع الثقافي، وأتوقع أن يقدم المبدعون السعوديون أعمالا أصيلة تعبر عن هويتنا السعودية بجودة تنافس الإبداعات العالمية.ماهي الخطوة المستقبلية القادمة؟
أستعد لتقديم حقيبة تدريبية في أدب الخيال العلمي ضمن برنامج انت بالتعاون مع هيئة الادب في يونيو 2024، واتطلع لإكمال مسيرتي في الادب والفلسفة بنجاح.
كلمة أخيرة ..
ممتنة لعائلتي على دعمهم لموهبتي منذ الصغر، فلقد كانوا ولا زالوا هم الداعم الأساسي لي خلال هذا المشوار.. وأتوجه بالشكر الجزيل لأسرة مجلة "هي" على جهودهم الجليلة في دعم المبدعات السعوديات وتسليط الضوء على الفن والثقافة، وأرجو لهم دوام النجاح والتوفيق.
موقع الأديبة والروائية السعودية "نسرين غندورة". https://www.nisreenag.com/
حسابها على الانستجرام. https://www.instagram.com/n_ghandourah/
.
حوار مع الأديبة نسرين غندورة حول إصدار كتابها الجديد جموح الروح
مجلة ديزاين
حوارًا ممتعًا مع الأديبة نسرين غندورة حول إصدار كتابها الجديد بعنوان “جموح الروح” سنتحدث فيه مع نسرين حول إصدارها الجديد “جموح الروح”
سيتاح للجمهور فرصة فهم الكتاب بشكل أكبر واكتشاف الأفكار والمفاهيم التي يحملها، مما يثير الفضول والتشويق لقراءة الكتاب واستكشاف عالمه الفني.
ستكون هذه المقابلة فرصة لنا للتعرف على الأديبة بشكل أعمق واستكشاف عوالمها الإبداعية.
عرفينا عنك؟
أنا أصلي من مكة، ولكنني وُلدت في جدة وعشت فيها معظم حياتي. والدي ووالدتي يحملان تقديرًا كبيرًا واعتزازًا شديدًا بالهوية الإسلامية العربية، وكانا حريصين على تنشئتي وتنشئة إخوتي على قيم هويتنا. وهذا الأمر نشأت في ظله، مما جعلني أتعلق باللغة العربية الفصحى وأحبها منذ صغري. بدأت ميولي الأدبية تظهر في المدرسة، حيث كنت متفوقة في مواد اللغة العربية والإنجليزية، وكنت أحب التعبير. كانت مكتبة منزلنا مليئة بالكتب التراثية، وكنت أستمتع بقراءتها، وخاصة الشعر. حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة نظم المعلومات من جامعة دار الحكمة، وحصلت على درجة الماجستير في استراتيجيات الإيسام من OMNES. عملت ككاتبة نسخ في شركة DDB جدة. في عام ٢٠١٨، بدأت في الاهتمام بالفلسفة. وحاليًا، أعمل كمُيسرة للتفكير الفلسفي المتقدمP4C في معهد بصيرة.
متى بدأتي بالكتابة وكيف تطورتي مع مرور الوقت؟
في عمر ١٣ تقريبا، وكنت أقرأ روايات كثير خصوصاً الروايات التاريخية والفانتازيا والخيال العلمي. أتذكر رواية العصفورية لغازي القصيبي الله يرحمه، كانت تجربة مميزة وغيرت نظرتي لمفهوم الرواية. مع الوقت سار عندي تراكم معرفي في كتابة الرواية من خلال القراءة. عام ٢٠٠٦ نشرت روايتي الأولى “النهر الثالث” اتعلمت كثير من التواصل مع القراء والمشاركة في معارض الكتاب والفعاليات الثقافة في السعودية والإمارات ومصر ولبنان. وقررت أني أدرس الكتابة الإبداعية عشان أطور موهبتي أخذت دورات في أكسفورد رويال أكاديمي وسيتي يونفرسيتي وأكاديمية فابير آند فايبر في بريطانيا. وكمان قرات كتب كثير متخصصة في فن الرواية، وصار عندي قسم خاص بيها في مكتبتي. أحاول دايما أني أستفيد من أي فرصة عشان أتعلم. أحاول دايما أن كل رواية تكون أفضل من الي قبلها وإن أقدم إضافة نوعيه للأدب .
عن الكتب التي ألفتِها؟
روايتي الأولى “النهر الثالث” تدور حول رحلة فريق صحفي خلال حرب العراق في عام 2003. تركز الرواية على تسليط الضوء على الجوانب الإنسانية والثقافية والاجتماعية للعراق، بعيدًا عن تغطية الأخبار الحربية والحصار. إذا كان علي تلخيص الرواية في كلمة واحدة، سأختار “الصمود”. يُعلمنا التاريخ أن الحروب والأزمات تنتهي، ولكن الحياة تستمر. هناك شعوب كثيرة نجحت في الصمود وإعادة إعمار بلادها، واستطاعت الحفاظ على ثقافاتها رغم المآسي والصعاب.
شاركينا تفاصيل عن كتاب جموح الروح؟
هدفي هو تقديم تجربة رائعة للقارئ، ولذلك أوليت اهتمامًا بالنص والتصميم في روايتي. فأنا أؤمن بأن كل تفصيل في الكتاب مهم ويمكن أن يحدث فرقًا، بدءًا من الإخراج الفني والخط ووصولاً إلى نوعية الورق المستخدم.
أشكر الله على إعانتي وأنا سعيدة جدًا بالتعاون مع فنانين موهوبين وذوي تاريخ وبصمة في عالم الفن، مثل خلود عطار وأمين قيصران ووسام شوكت، وقد كانوا كرماء جدًا في التعامل معي بأخلاقهم وخبرتهم وإبداعهم. أتمنى أن يستمتع القراء بالكتاب.
الموضوع الرئيسي للرواية “جموح الروح” يتمحور حول العلاقات. وتشمل العلاقات علاقتنا بالله، وعلاقاتنا بالناس، وعلاقتنا بشغفنا، وعلاقتنا بأنفسنا. وتستكشف الرواية كيف تتأثر هذه العلاقات ببعضها وكيف تتطور وتتغير عبر القصص التي نعيشها ومن خلالها نكتشف أنفسنا. الشخصية الرئيسية في الرواية هي سهيل، وهو شخص جامح ومغامر قرر أن يكون فارسًا.
تبدأ الرواية برسالة يتلقاها سهيل من حبيبته تذكره بتاريخ مناسبة يحتفلون بها منذ 20 سنة، وتطلب منه هدية ذات قيمة معنوية. يحتار سهيل ويفكر، وبعد ذلك يقرر أن أغلى ما يملك هو قصته، فيقرر أن يروي لها قصصه التي لم تعرفها قبل أن يلتقيا. يكتشف سهيل خلال الأحداث أن الحياة تغيرنا جميعًا. ولكن، ما هي الأشياء التي يجب أن نحتفظ بها مهما حدث؟ هذا ما يستكشفه الرواية.
شاركينا اقتباس من الكتاب؟
“بعدما تفكرت في تفاصيل قصتي وجدت أن إسمي ليس العنوان المناسب لها؛ لأنني لم اختره، كما أنه لا يعبر عن رأيي في نفسي. بحثت عن عنوان يصف جوهر شخصيتي، فوجدت أنه يكمن في ملامح روحي. أظن أن لأرواحنا ملامح تميزها عن بعضها، لا يمكننا أن نبصر ملامح أرواحنا بأعيننا، لكنها تتجلى لبصيرتنا إذا تفكرنا في قصصنا.”
هل تخططي لكتابة رواية جديدة؟ وماذا ممكن أن يكون عنوانها؟
بإذن الله، ستصدر لدي رواية ثالثة، ولم أحدد عنوانها بعد، ولكن سيكون موضوعها حول المرأة السعودية في مجال العمل.
بصمة قدري
الحب قلب الروح.
أدركت ذلك عندما أحببتها. لن أنسى أبداً لحظة لقائنا الأول منذ عشرين عاماً، تلك اللحظة التي تغير فيها قدري. دائماً أتخيل القدر وهو ينظر إليّ بعينيه الغامضتين ويكتب مستقبلي في دفتره، يكتب بضع كلمات ثم يكتب اسمي، ثم يكتب عدة جمل ويكرر اسمي؛ هكذا يملأ الصفحة تلو الأخرى، ويمر عمري لحظة تلو الأخرى، إلى أن آنت تلك اللحظة الاستثنائية، لحظة لقائنا، عندها شعرت أن القدر تأملني ومزق كل ما كتبه عني، ثم أعاد صياغة إنسانيتي من جديد على صفحة ناصعة النقاء خصيصاً لأجلها. ولأجلها أنا مستعد لفعل أي مستحيل؛ لذلك لم أتفاجأ عندما وصلتني رسالتها الأخيرة حاملة طلباً شبه مستحيل، لكنني احترت وأنا أفكر في طريقة تمكنني من تلبيته. أعدت قراءة رسالتها المكتوبة بخطها المنمنم الجميل لعلها توحي لي بفكرة.
"نجمي/سهيل
يصادف يوم الجمعة المقبل ذكرى مناسبة سعيدة نحتفل بها معاً كل عام. دائماً تقدم لي هدايا استثنائية غالية، لكنني هذا العام أريد هدية فريدة لا تقدر بثمن، هدية ترمز لأغلى ما تملك من الناحية المعنوية. لا يهم ما هي، المهم ما تعنيه لك. متحمسة جداً للاحتفال معك ولتلقي هديتك. سأكون بانتظارك.”
قارنت تاريخ الاحتفال بتاريخ اليوم، فقدرت أن لدي ستة أيام لجلب الهدية. طويت الرسالة. وأطرقت أفكر في هدية بالمواصفات المطلوبة. قمت بحصر ثروتي المعنوية، فوجدت أنها عبارة عن ذكريات. أعتقد أن الأشياء تستمد قيمتها المعنوية من ذكرياتنا معها، ذكرياتنا التي تكون قصصنا؛ لذلك قررت أن أكتب لها قصتي، بخط يدي وعلى دفتري الوحيد، الذي لم أستخدمه من قبل، بالرغم من أنني اشتريته قبل تسعة وعشرين عاماً، في يوم من أهم أيام حياتي. يومها راقني تصميمه العفوي، غلافه الجلدي الأبيض المزين برسومات طفولة بارزة، وجه أصفر مشرق بابتسامة، قوس قزح يمرح في الأفق، قلوب ملونة تنبض بالشغف، أقراص دواء يشفي من أي مرض، كلمات متطايرة، نجوم متراقصة، وعيون حالمة. لا أظن أن تصميم غلافه مثالي لقصتي، لكنه يعبر عن جانب منها، الجانب الجذاب واللطيف، الذي أحاول أن أظهره لها.
بعد ذلك بدأت أفكر في الأسلوب الذي سأكتبها به، فهي قصة مترامية الذكريات. تمتد أحداثها على مدى سنوات عمري الست والخمسين، أثناءها جبت كل المشاعر الإنسانية، انطلقت في صحاري الحرية، تسلقت جبال المجد، همت في سهول الأحلام، تهت في أودية الأفكار، استأنست في واحات الرغد، هويت من فوق هضاب اليأس، نقبت عن آبار الأمل، وغرقت ببحور الحب.
تجولت في ذكرياتي، ثم قررت أن أروي لها الجزء الذي لا تعرفه من قصتي، الذي حدث قبل أن ألتقي بها. اختصرته في أربع قصص تمثل أهم نقاط التحول في حياتي الخاصة. اقتضى ذلك إفشاء بعض أسرار أفراد عائلتي الكريمة، فلا يمكنني أن أفصل قصتي عن قصصهم. أعتقد أن لكل فرد منا دوراً جوهرياً في حياة الآخرين. وأن هناك صلة قرابة تربط أرواحنا بالإضافة إلى صلة الدم التي تربط أجسادنا. كلما تفكرت في روح أحدهم أشعر بالألفة، وكلما نظرت إلى وجه أحدهم أخال أنني أرى وجهي في مرآة محدبة أو مقعرة، فالملامح ذاتها أكبر أو أصغر قليلاً. أقدرانا متداخلة وأرواحنا متآلفة ووجوهنا متشابهة.
قبل أن أبدأ بكتابة قصتي، كان عليّ أن أختار العنوان، وقد احترت كثيراً وأنا أفكر في العنوان المناسب لها، قصتي هي بصمة قدري، من الصعب أن أصفها، في البداية فكرت أن أعنونها باسمي: سهيل سالم المبراق. دفعني ذلك للتساؤل عن معنى اسمي في قاموسها. مازلت أذكر رد فعلها عندما عرفتها بنفسي وقلت لها اسمي لأول مرة. ما أن سمعته حتى ابتسمت لي بلطف آسر، أما أنا فلم أسألها عن اسمها؛ لأنني كنت أعرفه قبل أن نلتقي. لا أعرف كم مرة لفظت فيها اسمي أو كم مرة كتبته، في كل مرة كنت أكرر الحروف ذاتها ولكن هل كنت دوماً الشخص ذاته؟
لا شك أنني تغيرت، تغيرت جذرياً. التغير سنة الحياة، حقيقة أرددها دائماً، ولا أتقبلها إلا نادراً. يخيفني التغير باحتمالاته اللامتناهية، لا أدري ماذا سيسلبني أو يمنحني، بالرغم من ذلك أتغير باستمرار. بإرادتي أو رغما عني، أتغير. أحياناً أسعى للتغير أو أتفاداه، أحياناً أخطط له أو أفاجأ به، ودائماً أردد سبحان من يغير ولا يتغير.
بعدما تفكرت في تفاصيل قصتي وجدت أن اسمي ليس العنوان المناسب لها؛ لأنني لم اختره، كما أنه لا يعبر عن رأيي في نفسي. بحثت عن عنوان يصف جوهر شخصيتي، فوجدت أنه يكمن في ملامح روحي. أظن أن لأرواحنا ملامح تميزها عن بعضها، لا يمكننا أن نبصر ملامح أرواحنا بأعيننا، لكنها تتجلى لبصيرتنا إذا تفكرنا في قصصنا. وقد أمعنت التفكر في قصتي، فأدركت أنني لست سوى روح جامحة؛ لذلكاخترت "جموح الروح" عنواناً لقصتي. واظبت على كتابتها منذ صباح اليوم الذي تلقيت فيه رسالتها. استغرقت ستة أيام لإتمامها. كتبت السطر الأخير قبل موعدي معها ببضع ساعات. راودتني رغبة بقراءتها قبل تسليمها لها. جلست في مكتبة أبي على أريكته الجلدية الوثيرة، أعددت لنفسي فنجان قهوة، بسملت، وبدأت بقراءتها
ملاحظة: نص “بصمة قدر” هو مقدمة رواية جموح الروح من إصدارات كــ يمكنكم اقتناءها من متجر درب
لمحة عن رواية النهر الثالث
تناولت رواية النهر الثالث الحرب على العراق٢٠٠٣ من منظور إنساني، وقد استوحت الروائية عنوان الرواية من أحد الأسماء التي عُرف بها العراق "بلاد الرافدين" حيث أضافت إليهما نهراً ثالثاً نبع من دموع الشعب العراقي بسبب معاناته من ويلات الحروب والكوارث المتتالية. لقد ظلت بغداد مقيدة بأغلال الحصار ومحجوبة خلف دخان الانفجارات حتى كدنا ننسى ثراء تراثها وعراقة تاريخها. لم نعد نسمع عنها سوى أخبار الموت والحصار. عبر صفحات الرواية يسافر القارئ إلى بغداد ليرى ببصيرته مالم يره ببصره، ويتعرف على معالمها التي تمردت على الدمار الشوارع والأسواق والمقاهي والميادين، ويعيد قراءة أساطير عشتار وكلكامش بنظرة معاصرة؛ ليدرك أن حقيقة بغداد أغرب من خيالها بكثير. مع أفراد الفريق الصحفي أحمد وعماد وعلاوي يكتشف القارئ بغداد ويقرأ ما بين السطور في يومياتها، يعيش معها الموت قذيفة بقذيفة، يسمعها وهي تردد مولا حزيناً كتبته بدموعها على بحر الدم، يشمها وهي تتعطر برائحة الخبز كل صباح، يتجرع ماء نهرها الثالث، ويخوض تجربه إنسانية فريدة مفعمة بالأمل والألم
يمكنكم اقتناؤها من موقع مكتبة جرير
Nisreen Ghandouah Author of Al Nahr Al Thalith
Sumaiyya Naseem
1 February 2018
A CONVERSATION WITH NISREEN GHANDOURAH Author of Al Nahr Al Thalith
PROFESSION: Creative Copywriter FAVORITE CAFE: Medd
CURRENT READ: Stoner by John Williams (Arabic translation, Dar Athar)
Nisreen Ghandourah was a reader long before she published her own novel. As a child, the cabinets lled with books at home fascinated her, and the earliest seeds of writing were sowed while listening to her father read the stories in the Qur’an.
"There’s so much beauty in the storytelling. Each chapter and section is written for a particular audience. The Qur’an taught me the importance of knowing your audience, and nding the right point of view and the reason you’re telling the story."
-Nisreen Ghandourah
The metaphysical elements in the Qur’an fed her imagination and inspired her. A strong sense of language made her stand out in high school, and it was then that she realized she had a unique voice in writing. She believes that it’s important to discover one’s creative identity, saying, “Writing takes hard work. Once you know your voice you can build it.” The Saudi writer was only 22 when she completed her debut, Al Nahr Al Thalith (The Third River). Soon after graduating from Dar Al Hekma University in 2005, she dedicated her time and efforts to writing a story about the Iraq war of 2003. It’s been a decade since her debut was published, and since that time she has established herself as a promising voice from Saudi Arabia. It was after the publication of her debut that Ghandourah evolved into a well-known and respected writer. Under the wing of her publisher, she was able to connect with readers at book fairs and literary events, the most recent being the International Jeddah Book Fair. She dedicated the next few years to learning more about her craft. “I understood that any work could be better, so I took creative writing courses. There are hundreds of references on writing, but I wanted to be around like- minded people who are passionate about stories.” The courses she took were from City University, London School of Journalism, and Oxford University. Armed with an eye for introspection, she began revisiting her favorite Arabic novels to analyze and explore what made a story or character interesting. In the previous year, she used Instagram as a platform. to share her thoughts on the books she’s been reading. Ghandourah doesn’t believe in the concept of star ratings, “I prefer appreciating books for their quality, even if they don’t match my taste. I look at the effort, idea, creative style and relevance.” In her reviews, she introduces the plot of the book, gives her opinion and highlights the main takeaways. Ghandourah teamed up with Jeddah Reads to give a talk on Naguib Mahfouz, titled Respected Sir, after one of her favorite novels by the late author. It was a chance for her to dig deeper and introduce local readers to the brilliance of the writer and how he captured an era of Egypt through literature. She feels it’s important to have such literary discussions in Jeddah, and more options for buying books. “We need libraries or literary clubs where people can get together to discuss books. When I was in my teenage years we had a problem with supply, but we can shop online now.” While collections in local bookstores are still quite limited, websites like Jamalon and Book Depository are good options for bookworms. Nisreen Ghandourah is currently writing her second novel, which is set in Saudi Arabia. The story follows a set of characters who were raised in Saudi in the 80s. “The main character is a horse trainer; I was inspired by the beautiful description of horses in classical Arabic poetry.”
Al Nahr Al Thalith follows three journalists on a mission to cover the untold stories of the war in Iraq. Ghandourah took up the task of conducting intensive research through documentaries, books, interviews, and diaries to expand her sense of Iraqi culture and society. Her novel shows that life goes on, but it’s up to people in a crisis to either recover or collapse. “I wanted to highlight the reality of war and its destruction of human legacy. Through my characters I portrayed how it a ects people on a social and psychological level. War doesn’t solve problems, it just makes people scared of each other.”
SUPPORT LOCAL
Nisreeen Ghandourah recommends the works of Saudi writers, Mohammed Hasan Alwan, Taher Zahrani, Mohanna Tayeb, and Fahd Al Fahd.
Web: nisreenag.com Email: nisreenag@gmail.com
Twitter/ Instagram: @n_ghandourah
معرض جدة للكتاب.. غوص في أعماق الفكر العالمي بشاطئ أبحر
شريف قنديل
19 December 2017
رغم إغراء البحر، والنسيم العليل المنبعث منه في أبحر جدة، وروائح مطاعم الأسماك المنتشرة في المنطقة- كانت روائح الكتب أكثر جمالًا، وكان غذاء الروح أشهى وأمتع، وكانت السباحة في بحار الفكر أكثر إغراءً! هكذا كان الانطباع الأول وأنا في طريقي لمعرض جدة للكتاب الدولي!
الوجبات موجودة، لكن الدسم كله في عالم الرواية؛ حيث تصافحك وجوه نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويحيي حقي وألبير كامي، وجورج أورويل وأوسكار وايلد... والعصائر موجودة، لكن عصير الفكر يتحدث هنا عن نفسه.. شعرًا وقصة وسياسة واقتصادًا وفنًّا ورياضة.
وعن روعة اختيار مكان المعرض لا تسل! أنت هناك كما لو كنت في ساحة مطلة على بحيرة جنيف.. نظافة ونظامًا لا يفصلك عن البحر سوى أمتار قليلة.. قد يهمس لك البحر كما همس لي بالجلوس أمامه قليلًا قبل أن تدخل للسباحة في عالم الفكر والأدب والفن والسياسة والاقتصاد وكل صنوف الإبداع العالمي والعربي، لكنني اعتذرت ودخلت!
من حرية سارتر إلى وصايا محمد الرطيان!
هنا تلاميذ الرافعي والعقاد، وما أكثرهم، وهنا تلاميذ القصيبي وعبدالرحمن منيف وما أكثرهم، وهؤلاء جاءوا لشوبنهور وجان بول سارتر، وأولئك يشعرون بالحنين للغزالي وابن عثيمين!
أهل الشعر هنا كثيرون، لكن أهل الفن باتوا أكثر، وأهل الرواية كثيرون جدًّا، لكن أهل المال والأعمال باتوا بالفعل أكثر! شأنهم شأن محبي التراجم والموسوعات العالمية.
الكبار موجودون، لكن الشباب أكثر، والموظفون كثيرون يومي الجمعة والسبت، لكن الطلاب أكثر.. والحق أنهم كلهم طلاب فكر وفلسفة وإبداع، راحوا يمرقون أو يحلقون بين الأجنحة، ولعل الأجنحة هي التي كانت تحلق بهم في سماوات الإبداع العالمي من أوروبا وأمريكا وآسيا وإفريقيا وأستراليا.
فجأة توقفت أمام «وصايا محمد الرطيان» التي أهداها إلى «سيف وسلطان وأحمد وفاطمة ومريم الحميدي»؛ لأسأل مشرف المبيعات الشاب سعود القثامي، عما إذا كان الزميل العزيز والكاتب المرموق سيأتي أم لا؟!
قال بثقة: نعم سيأتي!
قلت: هل قال لك؟
قال: لا!
وهل تعرفه؟
لا!
ضحكنا ونحن نطالع وصية الرطيان: الابتسامة هي الكلمة الوحيدة التي تفهمها كل الشعوب.. وبدأت!
حكاية رواية بيع منها 55 مليون نسخة
كنت أحلق مع «ميس» في الكتب المعروضة في المكان، وأنا أشتم الزهر القابع في الأركان.. هذه الرواية «عالم صوفي» بيع منها 55 مليون نسخة حول العالم، وصوفي هي بطلة الرواية التي كان يأتي هاتف كل ليلة ليسألها عن هذا الفيلسوف أو ذاك من الفلاسفة العظام.. أرسطو.. أفلاطون.. سقراط.. ولأنها لا تعرف فقد تبرع الهاتف بتقديم كل شيء، قبل أن يعود في الليلة التالية ليسمع منها! وقد ترجمت الرواية إلى 35 لغة قبل أن تتولى الدكتورة مني هيننج ترجمتها للغة العربية والإتيان بها للعالم العربي، من خلال معرض جدة الدولي للكتاب، أما المؤلف فهو الأيسلندي يون كالمان الذي ينافس بقوة على جائزة نوبل للآداب عن ثلاثيته الرائعة «جنة وجحيم» و«حزن الملائكة» و«قلب الرجل»..
تحط الفراشة هذه المرة على كتاب تعتبره الأهم وعنوانه «حين يختفي النحل»! تتحدث الفتاة عن الكتاب وكأنها هي التي ألفته، وليس «ماريا لوند».. فعندما يختفي النحل من الدنيا، ستحل الكارثة الكبرى بيئيًّا وصحيًّا واقتصاديًّا.. تقولها بخوف يرتسم على وجهها.. يعلو صوتها: العالم سيدمر تمامًا إذا اختفى النحل..
قلت وأنا أهدئ من روعها: لا تخافي.. اسمعي ماجدة الرومي وهي تغني «سيبقى النحل يطن، والطفل ضحكة يرن.. مع إن.. مش كل البشر فرحانين»!
بلقيس الملحم تحكي لابنتها «منيرة»
اكتملت فرحتي بالطاقات المبشرة في عالم القصة والرواية وأنا أطالع عنوانًا آخر يقول: «بيجمان.. الذي رأى نصف وجهها»! كانت الكاتبة بلقيس الملحم تخاطب ابنتها في الإهداء قائلة: إلى ابنتي منيرة التي سألتني منذ سنوات سؤالًا ظننته عابرًا في بدايته، لكنه ظل عالقًا في ذهني: ما هي مذبحة سيرنيتشا؟
يا الله يا منيرة! يا الله يا ابنتي: لماذا تفتحين عليَّ همومًا وجراحًا ما لبثت أن تندمل؟! باغتتني نوبة شجن وأنا أعيد قراءة مقدمة «بلقيس الملحم» مهمهمًا بيني وبين نفسي: ليس ذنبك يا منيرة، ولا ذنب والدتك النابغة التي أعادتني إلى تسميتي التي رافقتني سنوات طويلة بعيد عودتي من البوسنة، وقبلها من أفغانستان، وقبلهما من الصومال.. «الصحفي الحزين»..
في الطريق للخروج أو الفرار من سؤال «منيرة»، وإجابة والدتها القديرة بلقيس، كنت أصطدم بـ«الجريمة والعقاب» لـ«ديسكوفسكي»، وقبل أن أغرق في «عتمة الماء» لجورج أورويل، إلى أن وصلت إلى «أرض السواد» لعبدالرحمن منيف..
غير أن استراحة على البحر الذي تفصله أمتار قليلة عن المعرض أنعشتني من جديد، وغشيتني حالة من التأمل كنت قد افتقدتها.. وخرجت!.
قصة عربية منحها ملك السويد «امرأة العام»
كفراشة رقيقة تحط «ميس» على كل ما لديها من كتب وكأنها تتذوقها معك! وحين علمت بهويتي الصحفية لم تدع ثانيةً واحدةً أو دقيقةً، دون أن تحكي عن هذا الكاتب أو ذاك في منصتها التي تشبه الحديقة.. والحقيقة أن «ميس» هي إحدى تلميذات الدكتورة مني هيننج الحاصلة على جائزة «إيلد شيل» السويدية لعام 2007 والحائزة كذلك على درع ملك السويد.
إن قصة دكتورة هيننج الأردنية التي هاجرت إلى السويد في السبعينات وأنشأت «دار المنى» تستحق تحقيقًا موسعًا، وهي السيدة التي شعرت بغيرة شديدة على اللغة العربية، وعلى النشء العربي في السويد وفي دول إسكندنافية أخرى، فقررت البدء في ترجمة الأدب السويدي للعربية، والأدب العربي للإنجليزية والفرنسية بادئة بالأطفال، كان ذلك عام 1983 وشيئًا فشيئًا أحست أن الشباب العربي لا يقلون في احتياجهم لغذاء روحي وفكري عن الأطفال، فترجمت لهم القصص والرويات ودواوين الشعر، قبل أن تتوسع الدار وتصبح علامةً من علامات الأدب والسياحة في ستوكهولم، ومع التفاعل الدائم مع الحركة الأدبية في السويد، فضلًا عن ترجمة أفضل ما لدى العرب من شعر وقصة ورواية، قررت الأكاديمية السويدية منحها جائزتها، قبل أن يمنحها ملك السويد عام 2013 لقب امرأة العام في بلاده!
زخم فكري عالمي غير مسبوق
للكتب روائح أعرفها، خاصةً القديم منها، وللحروف طعم أعرفه كذلك، مذ كانت جلستنا على المائدة حول أبي.. يلمح جريدة مفروشة فيطلب من شقيقتي إعراب المانشيت! هكذا أعاد لي معرض الكتاب سيرة أبي، فضلًا عن ذاتي التي حرمتها الصحافة من قراءة الكتب! وحرمتها السياسة من إقراض الشعر، وحرمها الاقتصاد من المسرح! أنت في معرض جدة الدولي للكتاب تستطيع الولوج لعالم المسرح العالمي من خلال «هاملت» لوليم شكسبير، أو من خلال «بجماليون» لبرنارد شو، أو من خلال «وفاة بائع جوال» لآرثر ميللر، أو حتى من خلال «قطة على نار» لتينسي وليامز!
كل شيء أمامك في معرض جدة الدولي؛ حيث الزخم غير المسبوق، والانفتاح على الفكر غير المسبوق، والتواصل مع العالم غير المسبوق، أنت في معرض جدة للكتاب هذا العام أمام حدث بالفعل غير مسبوق؟
يمكنك أن تصافح وجه جابريل جارسيا ماركيز وأنت تتأمل في روايته «مئة عام من العزلة». ولا تنسى طالما كان الأمر كذلك أن تشتري من جورج أورويل رائعته «1984»، وإذا كان لديك فتيان صغار أو شباب فخذ لهم «الجريمة النائمة» لأجاثا كريستي، أو «الغجرية» لثربانتس.
نسرين غندورة.. سعودية وسط نخيل بغداد
كانت عناوين أغلفة إبداعات الزملاء والزميلات محمد الشدي «باب للغواص» وفهد عامر الأحمدي «شعب الله المحتار» ومنال الشريف «وفار التنور» تشدني بقوة، حين استوقفت فتاة سعودية لأسألها عما اشترته! تبتسمت «نسرين غندورة» بخجل وهي تقدم لي باكورة إنتاجها الأدبي «النهر الثالث» قائلة: أرجو ان تعتبرني أديبة بعد أن تقرأ روايتي!
قلت: حسنًا! لكني أحتاج نبذة سريعة عنها.. قالت: أحكي عنكم؟! عمن، عن الصحفيين المثابرين الذين ذهبوا للعراق بعد الغزو الأمريكي وعادوا ليحكوا جوانب ومشاهد للحياة هناك!
والحق أن رواية «نسرين غندورة» تبشر بروائية كبيرة ليس لجمال ورشاقة مفرداتها، وإنما للترابط الواضح في نسيج العمل الروائي الذي يقع في 255 صفحة والذي بدأته بقولها: آخر يوم.. في أول شهر.. التقيا.. ليفترقا.. فتتبعته.. لم يشعر بها.. مع أنه كان يفكر فيها.. شعرت وأنا أقرأ مقدمة الرواية أنّا خلال سنوات قليلة سنضيف اسمًا سعوديًّا نسائيًّا جديدًا على خطى القصاصين والروائيين الكبار.. رجاء عالم، أميمة الخميس، إبراهيم عبدالمجيد، إبراهيم أصلان، المنسي قنديل، عبده خال، عبدالله بخيت وتركي الدخيل.
كانت نسرين تواصل حكيها بحماس فيما كنت أطالع في سطورها الأخيرة: يلملم الليل نجومه ويرحل.. تنسج الشمس بخيوطها سماء يوم جديد..في عمر أسطورة النخيل والقباب بغداد
النهر الثالث استثناءً من السياق العام للرواية
خالد الرفاعي
16 July 2015
متون وهوامش
- 1 -
تعدّ رواية «النهر الثالث» للسعودية نسرين غندورة (الصادرة في عام 2006م عن الدار العربية للعلوم - ناشرون) استثناءً من السياق (الموضوعي)العام للرواية النسائية السعودية، خاصة في مرحلتها الأخيرة (ما بعد الحادي عشر من سبتمبر)؛ لتجافيها عن المجال الأكبر لاشتغال الهوية فيالرواية النسائية، واتجاهها إلى معالجة ما تعرضت له هوية العراق والإنسان العراقي بسبب الاستبداد السياسي في ظلّ النظام البعثي البائد، وجملةالحروب التي خاضها العراق على امتداد ثلاثين عاماً، حتى انتهت به إلى الاحتلال الأمريكي في شهر مارس من عام 2003م.
وقد وظفت الرواية عاملين مهمّين في معالجة الهُوية القومية، هما: الشعور القومي الشعبي الذي يردُّ إلى موروث متعدّد الطبقات (كما يعبر فيصلدرّاج)، والشعور بخطورة المهدّدات المادية والمعنوية التي تحاصر الإنسان العراقي، وتستهدف هويته الوطنية والقومية.
ورغم حضور العامل الأول في جملة المشاهد الحوارية التي دارت بين عدد من الشخصيات المثقفة في الرواية (كأحمد، وعماد، وعلاوي، وقيس) فإنّالسيطرة في الرواية كانت من نصيب العامل الثاني، حيث التعبيرُ عن الألم الذي أفضى إليه العراق على مستويي: الذوات، والأشياء!
- 2 -
لقد أبرزت الرواية كيف استطاع الاستبداد السياسي (بما أفضى إليه من كوارث متتالية) أنْ يعرّضَ الإنسانَ العراقي للاختلال، ويجعله رهينَ شعورٍضاغطٍ بالمسافة الطويلة التي تفصل بينه وبين العراق المجيد (عراق التاريخ والحكايا)، وهذا ما كان يجده (مؤيّد) في الجامعة حين كان الطلابيسألونه بإلحاح عن العراق «الذي سمعوا عنه وأحبوه وانتموا إليه بكل جوارحهم، لكنهم لم يعيشوه ولو للحظة» واحدة في حياتهم!
مضت الرواية تصوّر يوميات الإنسان مع الحرب من زوايا متعدّدة: زاوية العراقي المقيم في بغداد (كعلاوي، وزوجته ثريا، وقيس، وآخرين)، والعراقيالمقيم في المنفى (كشقيق علاوي)، والمثقف العربي الراصد (كأحمد وعماد)، وكانت الأزمنة كلّها مفتوحة على قراءات هؤلاء وتأويلهم!
وصورت الرواية في المجمل سؤالَ العراقي عن (الوطنية)، وعن (العروبة) المتغلغلة في عروقه.. عن (عزّة العراقي وصلفه)، عن (حرية الكلمة)، و(ازدهارالعلم)، و(انبعاث الأدب).. عن بغداد الذي كان ملاذَ الغرباء من طلبة العلم، وراغبي التمدّن والحضارة.. عن الرمزية التي يحملها نهرا دجلة والفرات!
كما سلطت الرواية الضوءَ على زوايا متعدِّدة من انكسار الذات، بسبب غياب الحرية والكرامة؛ حيث الخوف الذي يحكم قبضته على الإنسان حتى فيخلواته، وحيث الاعتقالات التعسفية والتعذيب، وحيث الإجبار على الغربة والمنفى (كما في حالة شقيق علاوي)!
- 3 -
تخلّت الرواية عن عنصر النهاية، وخُتِمت بكلمة «استمرّت» التي تقف دلالياً مقابل كلمة «انتهت»؛ لتشفّ عن معنى بعيد، هو استمرار انهيار الذاتالعراقية.. واتساع الألم في فضاءات بغداد، إلى حدّ انفتاحِها على نهرٍ ثالث بحجم دجلة والفرات، هو نهر الدموع!
لقد قرأتُ هذه الرواية بعد صدورها مباشرة في عام 2006م وكنتُ أتساءل: هل ستستمرّ حال العراق على ما هي عليه اليوم (كما يشير زحفالسياقات في الرواية)؟
والآن (بعد عشر سنوات تقريباً من تلك القراءة): أستطيع الإجابة بألم..
فالعراق اليوم أسوأ بمراحل من عراق عام 2003م، وأحسبه يمشي طائعاً مختاراً إلى عراق أسوأ وأسوأ وأسوأ!
هامش:
«ما العُجْبُ لو خانَ الفؤادُ ضلوعَهُ
إنّ الذي خانَ العراقَ عِرَاقي»!
(يحيى السماوي)
غازي القصيبي ونسرين غندورة وسعادة جابر...كتاب اجتازوا الحدود
نجلاء صلاح الدين - صحيفة الوطن
7 February 2015
غزارة الإنتاج الروائي السعودي تحرك المشهد الثقافي
قراءات ترصد تطور الرواية السعودية في ندوة معرض القاهرة للكتاب
أكد الشاعر عيسى جرابا أن معدل إنتاج الروايات في المملكة عام 2007، وصل إلى 55 رواية، وازداد عام 2008، إلى 64 رواية، وبعام 2009، وصل إلى 90 رواية، مشيراً إلى أن هذا الإنتاج الغزير حرك المشهد الثقافي السعودي، إلى حد دعا بعض النقاد لتسمية الرواية السعودية بـ"ديوان العرب" وسحب اللقب والبساط من تحت فن الشعر، وفقا للإحصاء الذي أجراه النادي الأدبي والثقافي في منطقة الباحة، جاء ذلك في الندوة التي حملت عنوان "قراءات في القصة والرواية السعودية" التي حضرها رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الدكتور أحمد مجاهد وشارك بها الأستاذ بجامعة الملك سعود الدكتور معجب بن سعيد العدواني، وأستاذ الأدب العربي والنقد بجامعة الأزهر الدكتور السيد محمد الديب، والقاصة السعودية ليلى الأحيدب، وأدارها الشاعر عيسى جرابا في جناح المملكة بمعرض القاهرة للكتاب. أكد العدواني أن الرواية السعودية امتداد مميز للرواية العربية، ويظل الاتصال بالثقافة العربية محور عوامل التأثير والتطور في الرواية السعودية. وأضاف خلال بحثه المقدم للندوة بعنوان "الرواية السعودية هويات ومؤثرات" أن الجانب الأكبر في تنامي الرواية السعودية قد تمثل في اتكاء الرواية السعودية على البعد الخارجي بعد انفتاحها على الثقافة العربية والغربية، مشيراً إلى أن الرواية السعودية تميزت بترسيخ العقلية الجمعية عند تناولها، فضلا عن محاولة اجتياز حدود المكان الجغرافي مثل الروائي غازي القصيبي والكاتبة نسرين غندورة والكاتبة سعاد جابر. ومن جهته قال الديب في بحثه المقدم للندوة بعنوان "القصة والرواية السعودية.. سيرة ومسيرة" إن علاقته بالرواية السعودية علاقة متينة، عندما شرع في كتابة مؤلف عن تاريخ الرواية السعودية جمع واطلع على عدد كبير من الروايات، معتبرا رواية "التوأمان" لعبدالقدوس الأنصاري التي طبعت بمطبعة الترقي السورية أول رواية سعودية منشورة، وكان ذلك عام 1930. وأضاف أن المملكة لم يصدر فيها بعد رواية "التوأمان" منذ عام 1930 إلى 1990، سوى أربع روايات، وامتاز أغلبها بالطابع التعليمي مثل رواية "ثمن التضحية" لحامد الدمنهوري، ورواية "اليد السفلي" لمحمد عبده، وامتازت الرواية السعودية أيضا بالكتابة الانطباعية وكثرة المونولوج الداخلي، وكثرة الوصف البيئي. وانتقد الديب تنوع الإنتاج الأدبي والثقافي للكاتب الواحد أو الكاتبة السعودية؛ حيث نجد الكاتب السعودي يكتب القصة والرواية والشعر والنقد في نفس الوقت وهو ما عده "تمزق فني" على حد وصفه. وأبدى الديب تحفظه وخوفه على الرواية من "تويتر" ووسائل التواصل الاجتماعي والكتابة الإلكترونية، ورغم صغر الرواية السعودية على مستوى الحجم إلا أنه أبدى تفاؤله بتطورها بشكل عام. ومن جهتها، قرأت الأحيدب عددا من قصصها للجمهور منها قصة "البئر". وفي سؤال عن المعوقات التي تقف في وجه المرأة تحديدا دون الرجل عند كتابة فنون العمل الأدبي أجابت "الأحيدب" أنه ليست المرأة وحدها التي تواجه هذه الصعوبات فالرجل أيضا يتعرض لهذه المعوقات، إلا أنها تواجه المرأة أكثر من الرجل لأنها تقع دائما تحت المجهر، خاصة عندما تكتب عملا أدبيا، ما يجعل البعض يسقط العمل الأدبي على شخصية الكاتبة وأن ما تكتبه يجسد حياتها وواقعها الذي تعيشه، بالإضافة إلى الصعوبات الاجتماعية، لكن المرأة تحرص على حضورها الأدبي الدائم في المشهد الثقافي.
سجال في معرض الكتاب حول النهر الثالث
فهد الوركي - صحيفة الحياة
28 March 2011
أثارت الكاتبة السعودية نسرين غندورة سجالاً، في فعالية نظمت على هامش معرض أبو ظبي أخيرا، من خلال موضوع روايتها «النهر الثالث»، التي تعالج أحداث العراق في 2003، مصورة بغداد في أكثر لحظاتها تمزقاً، وأناسها في مساحة من التيه والضياع. وعبّر كتّاب ونقّاد عن هواجس مختلفة، حادة ومتناقضة حيناً، إزاء الروائية، التي تركت مواضيع بلدها لتنتقل إلى بلد آخر، معتبرين ذلك، في أحاديث متفرقة على هامش المعرض،الذي وقعت الكاتبة فيه الرواية، تحويلاً للأدب إلى ما يتخطى الإقليمية الضيقة والانفتاح على الإنسان في شكل عام.
من جهة، كسرت الروائية نسرين غندورة العادة التي دأب عليها، غالبية الكتاب والكاتبات في المملكة، حين ذهبت مباشرة إلى معالجة حدث عربي،وليس محلياً، هو حرب العراق وتداعياتها. غندورة أكدت حرصها، منذ الرواية الأولى «على تكوين هوية فنية خاصة بي، أعبر من خلالها عن فكريبأسلوبي الخاص، بغض النظر عن النمط السائد في الوسط الأدبي واخترت موضوع الحرب على العراق، لأنه أثار اهتمامي كما أثار اهتمام الرأيالعام في العالم بأسره»
وقالت نسرين لـ «الحياة» إنها احتاجت إلى العديد من المراجع، «بخاصة الكتب والخرائط التي ساعدتني على نسج أحداث روايتي، وإثراء تفاصيلها وهذا البحث ضروري لأي عمل روائي، فأنا أعكف حالياً على كتابة روايتي الثانية والتي تدور أحداثها في السعودية وتحديداً جدة. ومع أنني أكتب عنمدينتي ومجتمعي إلا أنني أجريت بحثاً واسع النطاق، لإثراء الرواية ومنحها قيمة ثقافية مضافة إلى قيمتها الفنية كعمل أدبي»، مضيفة أن «إتمامالرواية هو التحدي الأكبر، فقد تطلبت الرواية الكثير من الجهد وبخاصة في مرحلة المراجعة».
وأشارت إلى تباين آراء النقاد والقراء حول روايتها، «فقد كان لكل نسخة منها قصة مع قارئها، وقد أدركت ذلك بعد نشرها ببضعة أشهر من خلالرسائل القراء ولمسته أيضاً في اللقاءات، التي كانت تجمعني بهم في الأنشطة الأدبية والثقافية المختلفة التي شاركت فيها، وكذلك الحوارات والنقاشات التي دارت حولها في المواقع والمنتديات الأدبية»، مؤكدة أنها تلقت «ردود فعل من قراء عرب داخل الوطن العربي وخارجه، فقد لفتت رواية «النهرالثالث» انتباه كل المهتمين بالقضية الإنسانية في العراق». ووصفت الطفرة الروائية بالظاهرة الصحية، «وهي نتيجة طبيعية للطفرة التعليمية التيتشهدها السعودية منذ سنوات»، مؤكدة عدم اقتناعها «بتصنيف الأدب إلى أدب نسائي ورجالي. لكل كاتب أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره،والمنافسة قائمة بين الجميع».
وأوضحت أنها تقرأ كل «ما يقع بين يدي بغض النظر عن اسم الكاتب وتاريخه الأدبي، فأنا حريصة على الاطلاع على كل المواضيع والأساليبالمختلفة التي تطرح بها». ولفتت إلى أن بحث الكتاب عمن يقدم لهم كتبهم من المشاهير، «أسلوب متعارف عليه في الوسط الأدبي، ولا أجد ضرراًفيه».
وقالت نسرين غندورة أنها وجدت في الأدب والكتابة «صدراً رحباً قادراً على احتواء الإنسانية بكل تفاصيلها، فالكلمة تتمتع بلياقة تعبيرية مدهشةفهي قابلة للتحول إلى لون أو رائحة أو نغمة وهذا ما يميز الأدب، فهو أجمل وأدق وسيلة للتعبير والتوثيق»، مشيرة إلى أنها تكتب غالباً في النهار،«أكتب في النهار في مكان هادي ومنعزل، واستخدم القلم الرصاص».
وشرحت أنها ترحب بكل الشخصيات،التي تخطر ببالي بلا استثناء في أي وقت وأي مكان، افتح لها بوابة أحاسيسي على مصراعيها، وعندماتزورني أو بالأحرى تسكنني أي شخصية احتفي بها على طريقتنا العربية الأصيلة، فأفرد لها مساحات شاسعة من الورق والأرق والوقت، ثم اسقيهاقهوة الحبر حتى يظمأ الخيال وأطعمها ما لذ وصدق من المعاني، حتى أكاد أسمعها وأراها وألمسها أحياناً».
وعن السبب الذي دفعها إلى تسمية روايتها بـ «النهر الثالث»، قالت إنه «نهر رمزي تكون من الدموع التي ذرفها الشعب العراقي، أثناء الكوارثالمتتالية التي عاناها لسنوات طويلة، فقد تصورت أن هذه الدموع تكفي لتكوين نهر ثالث في العراق «بلاد الرافدين» وقد دارت أحداث الرواية فيبغداد أثناء حرب 2003». مشيرة إلى أن بطلة الرواية هي «مدينة بغداد فقد تخيلتها كلوحة فنية مدهشة مفعمة بمواقف مؤثرة ومشاعر إنسانية عميقةجديرة بالتأمل، واستخدمت الشخصيات في الرواية بعناية فائقة تماماً، كما تستخدم مصابيح الإضاءة في المعارض الفنية، فهي توزع على زوايامعينة بطريقة مدروسة لإبراز كل تفاصيل اللوحة، من ألوان وخطوط، وتفاعل كل عناصرها مع بعضها بعضاً، ومن خلال هذا الطرح أخذت القاري إلىبغداد التي لم يزرها من ذي قبل». ولفتت إلى أن «النهر الثالث» رسالة لكل القراء «الذين تستهويهم المغامرات الفكرية، ويستمتعون بالسفر على متنالورق ليصلوا إلى أعماقهم».
وفي موقعها على خارطة الأدب السعودي، أوضحت «احتل مساحة راوية، على شمالها معاناة، وفي جنوبها ترقب وغربها حزن وشرقها أمل، مساحتهالا تتجاوز 255 صفحة لكن معانيها تتجاوز أحرف كلماتها»
بغداد هي بطلة رواية النهر الثالث
يوسف غريب - مجلة رؤى
20 October 2009
رفضت روايات الجنس ولجأت للأساطير
نسرين غندورة: أسبح في نهر من الدموع
عشقت الأدب منذ أول "كان ياما كان" سمعتها في طفولتها الباكرة، وكانت مولعة بسماع القصص واختلاقها مع بداية تفتح وعيها، تذكر بحنين يومهاالأول في المدرسة منذ عشرين عاماً، وكيف كانت لهفتها لتعلم القرأة والكتابة...تخصصت في نظم المعلومات واحتفظت بالأدب كهواية تمارسها بلاقيود... عندما تكتب تشعر أن القلم يقودها إلى اتجاه لم تسر فيه من ذي قبل... نشرت روايتها الأولى.
"النهر الثالث" قبل ثلاثة أعوام أنها الروائية الشابة نسرين غندورة إلي الحوار:
تخصصت دراسياً في نظم المعلومات إلا أن وجدانك كان مع الأدب، فكيف استقطبك دون الفنون الآخرى؟
وجدت في الأدب صدراً رحباً قادراً على احتضان الإنسانية واحتوائها. فالكلمة تتمع بلياقة تعبيرية مدهشة، كونها قابلة للتحول إلى لون أو رائحة أونغمة. وهذا ما يميز اللغة فهي أدق وأجمل وسيلة للتعبير.
“النهر الثالث"
لماذا اخترت الكتابة الأدبية والرواية تحديداً؟
الرواية تحرر الكاتب من القيود التي تفرضها الفنون الأدبية الأخرى، كالوزن في الشعر مثلاً... وجاءت محطتي الأولى في عالم الرواية من خلال روايةبعنوان " النهر الثالث” صدرت عام ٢٠٠٦ م. إلا أنه كانت هناك محاولات ونصوص كثيرة قبل نهاية هذه التجربة، لكن لم أصدرها في كتاب مستقلكما "النهر الثالث".
ماذا تقصدين بالنهر الثالث؟
تناولت رواية "النهر الثالث" أحداث حرب العراق ٢٠٠٣ ، لذلك استوحيت عنوانها من أحد أسماء العراق (بلاد الرافدين) وهما دجلة والفرات، أما"النهر الثالث "فهو نهر خيالي تكون من الدموع التي ذرفها الشعب العراقي أثناء الكوارث الإنسانية التي عاناها لسنوات طويلة، فقد تصورت أن هذهالدموع تكفي لتكوين نهر ثالث في العراق.
مَن بطل "النهر الثالث"، وكيف تناولتها؟
البطل هو مدينة بغداد، فقد تخيلتها كلوحة فنية مدهشة مفعمة بمواقف مؤثرة ومشاعر إنسانية عميقة جديرة بالتأمل، واستخدمت الشخصيات فيالرواية -بعناية فائقة- تماماً كما تستخدم كشافات الإضاءة في المعارض الفنية، فهي توزع على زوايا معينة بطريقة مدروسة، لإبراز كل تفاصيلاللوحة ألوانها، خطوطها، وتفاعل كل عناصرها مع بعضها بعضاً، ومن خلال هذا الطرح أخذت القارئ إلى بغداد التي لم يزرها من ذي قبل.
تسللت إلى بغداد برفقة فريق صحفي... لم اخترت الصحافة بالذات؟
وجدت الفكرة واقعية وقربية من القرّاء، كما أن الجهد والتضحية اللذين يبذلهما المراسلون الحربيون يستحقان التقدير، وقد استشهد العديد منهم أثناءالحرب.
أهديكم نهري وأتمني أن ترويكم كلماتي...لاحظت هذا الإهداء بخط يدك ماذا وراء هذا الإهداء؟
نهري كناية عن "النهر الثالث" واستخدمت كلمة ترويكم أي تروي ظمأكم إلى في الأدب، وترويكم أيضاً أي تحكي شيئاً عنكم.
ما الرسالة التي أردت أن تبعثي بها للقارئ من خلال (النهر الثالث)؟
أن النهر رغم أنه تكون من الدموع التي سبّبتها المعاناة، لكنه أيضاً مصدر للماء أي أنه مصدر للحياة والنماء والازدهار، فقد عبرت من خلال النهرالثالث عن الأمل الذي يولد من رحم الآلام واخترت مدينة بغداد لتكون بطلة روايتي لأنها خير مثال على ذلك، فقد شهدت الكثير من الكوارث عبرتاريخها وفي كل مرة كانت تستعيد مكانتها ومجدها.
هل ترين أن الرواية نجحت وفق المعايير النقدية؟
أثناء كتابتي للنهر الثالث كنت أظن أن الكاتب هو الذي يخبئ المفاجآت للقارئ ولكن بعد صدور النهر الثالث، فوجئت بتنوع آراء القراء والنقاد ولم أجدقاسمًا مشتركاً بين رأيين وهذا أمر طبيعي، لأن الكتاب وقود فكري يدفع الناس للتفكير، لكنه لا يملي عليهم فكرا معينا، كما أن تذوق القارئ للكتابيخضع لعدة عوامل مثل خلفية القارئ الثقافية أو ميوله الأدبية وقد تعلمت الكثير من قرائى وأشكرهم لأنهم منحوني وقتهم وشاركوني آراءهم.
حازت الرواية أو -حزت أنت كروائية- نصيبا معتبرا من التغطية الإعلامية. هل السبب أنك روائية سعودية شابة أم لتلمس روائية موهوبة فرضت نفسها؟
عندما كتبت "النهر الثالث" حرصت على تقديم رواية متميزة من حيث الشكل والمضمون. كما أن الإعلاميين الذين تناولوها يهتمون بالإصداراتالأدبية وتغطيتها بصفة عامة.
أسلوب مبتكر
لماذا كانت بدايتك في العراق وفي هذه الأجواء المأسوية؟
منذ أكثر من عشرين عاما لا نسمع عن العراق سوى أخبار الحرب، وقد كان لدي الكثير من الفضول لاكتشاف معالم بغداد المدينة التي ترمز إلىالعصر الذهبي في الحضارة الإسلامية، و"النهر الثالث" رواية واقعية، لكنها ليست مأساوية، فقد تناولت الحرب على العراق من منظور إنساني،وحرصت على طرح القضية بأسلوب مبتكر وشيق فأخذت القارئ في رحلة إلى بغداد ليكتشف معالمها التي تمردت على الدمار.. الشوارع والأسواقوالمقاهي والميادين، ويعيد قراءة أساطير "عشتار" و"كلكامش" بنظرة معاصرة، فيدرك أن حقيقة بغداد أغرب من خيالها بكثير.
*كان من المتوقع أن تكون بدايتك وبداية أي روائية شابة عن عالم الفتاة السعودية أو قضايا المرأة عموما، لم خالفت هذا التوجه؟
لم أخالف هذا التوجه مطلقا، فقد عبرت من خلال النهر الثالث عن الدور الفعال الذي تلعبه المرأة في الحفاظ على استقرار الأسرة والتحديات التيتواجهها بصورة يومية في أثناء الحرب حتي أن إرسال الأبناء إلى المدرسة يكون قراراً صعباً تواجهه بحيرة متزايدة كل صباح، وقد عبرت عن آراءالشباب والشابات العرب في القضية ولم أحدد جنسية معينة لأنني تناولت الجانب الإنساني وقد أجمع العالم على استنكار الكوارث الإنسانية التيعاناها الشعب العراقي.
الرواية تناولت نماذج لشباب عربي في الوطن والمهجر، لماذا سلطت الضوء على هذه الفئة؟
أردت أن أعّبر عن جيلي، كما أن الإحصائيات الديموغرافية تؤكد أن غالبية السكان في الوطن العربي هم فئة الشباب، وهذا يمنحهم دوراً مهماً وفعلاًفي المجتمع، فهم طاقة هائلة تحتاج للتوجيه الصحيح.
أقلام واعدة
أين المرأة في كتاباتك مستقبلا؟ وهل تعترفين بما يسمي بـ (الأدب النسوي)؟
المرأة موجودة دوما في كتاباتي وأثناء الكتابة أحرص على توظيف العناصر الأدبية بأسلوب يخدم مغزي الرواية، أما التصنيفات الأدبية كـ ( الأدب النسوي) وغيرها فلا أتطرق إليها وأتركها للباحثين والنقاد.. كروائية أنا أحرص على إبداع أدب صادق ومؤثر.
ماذا بعد (النهر الثالث)؟ وما الخط الذي ترينفيه نفسك مستقبلا؟
أنا الآن أكتب روايتي الثانية وأحرص على الحفاظ على هويتي الفنية وتطويرها.
من تجارب عديدة فإن الجرأة التي غالبا ما تكون مفتعلة والدخول لعوالم معينة مثل الجنس، هي أقصر الطرق للشهرةالسريعة.. كيف استطعت تحديد طريقك وفق هذه الرؤية؟
ما يدفعني للكتابة هو حبى للكتابة، فهي متعتي الحقيقية وعندما أختار موضوعا لرواية أبحث عن موضوع يثير فكري ويدفعني للتعمق فيه تماما كمايبحث المزارع عن أرض خصبة لكي يضمن جودة المحصول. تعلمت الكثير من قرّائي...وكنت أحسب أن الكاتب يخبئ المفاجآت.
“النهر الثالث" تعبيرٌ عن دور المرأة في مواجهة التحديات
من هو الروائي المفضل لنسرين غندورة، ولماذا؟
لا يوجد لدي روائي مفضل، فأنا أستمتع بالقراءة بصفة عامة وأتعلم من كل كتاب أقرأ في فكره.
فيما تتركز قراءاتك؟
في الوقت الحاضر أقرأ كتبا تتعلق بموضوع روايتي الجديدة.
يخضع الكتاب لمنافسة شرسة من قبل وسائل الإعلام الأخرى، كروائية كيف تواجهين هذا التحدى؟
احرص على استخدام لغة سلسة وعصرية، وأتناول موضوعات واقعية بأساليب مبتكرة ومشوقة، تثري القارئ ثقافياً وتثيره فكرياً ليتابع القرأة بشغف.
كيف تنظرين إلى الرواية السعودية حاضرا ومستقبلا؟
لقد منح الله المملكة الكثير من الموارد الطبيعية النفيسة وأهمها الموارد البشرية ويشرفني أن أرى الكفاءات السعودية تثبت جدارتها في كل المجالات بما في ذلك الأدب، فقد برز العديد من الأقلام السعودية في الرواية وبرأيي هناك أقلام واعدة من الجيل الجديد.
من هن منافسات نسرين غندورة من الروائيات الشابات؟
أعتبر كل الروائيين والروائيات منافسين لي.
شاهدنا الكثير من الأعمال الدرامية المستوحاة من روايات مثل "ثلاثية نجيب محفوظ" هل تظنين أن "النهر الثالث" قابلةللتحول إلى مسلسل أو فيلم؟
ربما نشاهد "النهر الثالث" كعمل درامي لكن ذلك يتوقف على رؤية المخرج.
أجواء واقعية
“النهر الثالث" إلتزمت بلغه عربية فصحى سليمة لكنها اقتربت من العامية، كيف حققت هذا التوازن؟
حرصت على استخدام اللغة العربية الفصحى، وفي بعض الحوارات عملت على تقريبها من اللهجة العامية في عبارات مثل "طويل العمر" فهي عربيةصحيحة تتحول إلى عبارة عمية حسب طريقة لفظها، والهدف من ذلك هو خلق أجواء قربية للواقع.
ألا تعتقدين أن مزج الأساطير بالواقع مغامرة أدبية خطيرة؟
لقد أعدت قراءة الأساطيير البابلية برؤية معاصرة، وقمت بتوظيف ذلك دراماً لخدمة مضمون الرواية.
لمن تدينين بالفضل في ظهورك كروائية؟ ولمن تهدين روايتك؟
أدين بالفضل لأسرتي وأشكرهم على دعمهم وتشجيعهم لمسيرتي الأدبية، وأهدي روايتي لكل متعطش للقراءة.
ما أمنياتك لمسيرتك الروائية؟
منذ أول حرف كتبته في روايتي كنت حريصة على تكوين هوية فنية خاصة بي وأتمنى أن يستمتع القراء بكتاباتي ويستفيدوا منها.
وما أمنياتك عموما؟
أتمني أن يسود العالم السلام والتفاهم وأن يتعايش الناس مع بعضهم باحترام متبادل ويسخروا طاقتهم لإعمار الأرض وتطويرها...عندما انظر إلىتاريخ الحضارات أراه كسباق تتابع، فكل حضارة تنقل عن الأخرى وتضيف لها، وأتمنى أن يستمر هذا السباق ضمن مضمار سلمي لتحظىالإنسانية بعالم أفضل.
ذكريات مؤتمر "فكر 7" ومقهى الشباب
ذكريات مؤتمر "فكر 7" ومقهى الشباب
سارة المكيمي - صحيفة أوان
15 January 2009
ثلاثة فناجين قهوة في مقهى الشباب العربي
على هامش مؤتمر «فكر 7» الذي أقامته مؤسسة الفكر العربي في شهر نوفمبر في القاهرة، نُفذ مفهوم جديد للتحاور المثمر والنقاش البناء بين عقولالجالية العربية الواحدة مختلفة الأقطار. سمّي الحدث «مقهى الشباب» لأن الشباب المدعوين للتحاور في موضوع «الهوية العربية» جلسوامجموعات على طاولات مستديرة يناقشون محورا واحدا من المحاور المطروحة لهم، ثم ينتهي الوقت، فتتغير الوجوه على الطاولات، وتتبدل المجاميععشوائيا، لينهل كل المشاركين من الاختلاط بعضهم ببعض، و تقاذف اكبر قدر ممكن من المعلومات والآراء التي تثري بدورها الحوارات والنتائج.
في «مقهى الشباب» شربت ثلاثة فناجين قهوة حلوة، جاءت الى طاولتي مخلوطة بهيل السعودية، وزعفران الإمارات وسكر عمان!
سلوى اليافعي الشابة العمانية التي لم تكمل الاثنتين والثلاثين سنة حتى الآن، أخبرتني أنها تعمل مديرة مدرسة تعليم أساسي (ما يعادل المرحلةالابتدائية عندنا)، وتضم مدرستها ما يقارب 625 طالبا وطالبة. فغرت فاهي وأنا أستمع لرحلة التعليم التي أهّلتها، وهي في هذه السن المبكّرة لصعودسلّم التربية والتعليم العماني لتتبوأ منصبا لا تشمّه عندنا أكفأ المدرسات الشابات وأكثرهن تحصيلا علميا. استثمرت عمان في شخص سلوى سنواتمن الدراسة التربوية في جامعات مرموقة في مصر وإنجلترا لتحصل بنت البلد على شهادة الماجستير في الإدارة التعليمية من جامعة الدول العربيةفي مصر، فتعود إلى بلادها وتتسلم امانة الأجيال، بعد فحص واختبارات دقيقة لقدراتها وإمكانياتها!
أما الفنجان الثاني فقد شربته ذهولا عندما جلست إلى طاولة النقاش إلى جانب الشاب الإماراتي من الشارقة عيسى الزرعوني الذي أخبرني بقصةحب بلد لابنه الطموح. قال عيسى إنه تخرج في الجامعة متخصصا في الصحافة الإذاعية والتلفزيونية بعد ان منحته إمارة دبي بعثة متكاملة الى أيجامعة في أي بلد يقع عليه اختياره، حصل عيسى على درجة البكالوريوس لينشئ شركته الخاصة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي. يقول الزرعوني: لمأوفق في المرحلة الأولى من العمل الإعلامي، فأغلقت الشركة، وافتتحت مؤسسة أخرى تحمل طابعا مختلفا من العمل ذاته، لم يحالفني الحظ ايضافي هذه المرة، لاحتدام المنافسة بين شركتي المتواضعة والشركات الإعلامية العالمية في دبي، فأغلقت المؤسسة مرّة أخرى، وعكفت على عمل دراساتمستمرة للسوق الإعلامي المحلي، وكيفية النجاح فيه.
يقول: هنا جاءني الاتصال من مكتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم طالبا مقابلتي، فتوجهت الى هناك ليبلغني المسؤول أن المكتب كان يتابعباهتمام مشواري الإعلامي، وانهم فخورون بمحاولاتي المهنية. أخبرني المسؤول أن المكتب سيتكفل مصاريف شركتي الإعلامية الجديدة كافة، لأعيدالمحاولة مرّة ثالثة بدعم من حكومة دبي. وأضاف المسؤول، ولكن بشرطين: الأول أن تحرص على توظيف كوادر وطاقات شابة إماراتية في شركتكوتدريبهم، والثاني أن تظهر في مقابلات شخصية في التلفزيون والإذاعة تحكي فيها عن قصة مشوارك المهني، وبوادر نجاحاتك، لتكون بذلك مثالاللشباب يحتذونه، ويُلهمون منه.
انتهى الزرعوني من سرد القصة، فأحسست بقشعريرة في جسدي، ودمعة في عيني!
فنجاني الثالث كان مشوقا رقيقا مع الأديبة السعودية ذات الأربعة والعشرين عاماً نسرين غندورة، التي جاءت مشاركتها في مقهى الشباب، وفقا لرغبتها الخاصة في الحضور. لم تكن نسرين من المدعوين إلى المؤتمر، ولم تُرشح للمشاركة مثلما كان حال اغلب الشباب، ولكنها آثرت السفر لحضورالمؤتمر على رحلة تسوّق او سياحة احترفتها فئة كبيرة من شابات هذا الزمن. جاءت نسرين صغيرة جميلة وشفافة من السعودية مع والدها الذي ساندها في اعطاء مبادرتها الثقافية المجال في التعرف على الشباب العربي المشارك، واكتساب شيء من خبراتهم وثقافاتهم المتنوعة. ألّفت نسرين رواية بعنوان «النهر الثالث» أهدتني نسخة منها قبل يوم واحد من رحيلي.
شربت فناجيني الثلاثة مع شباب في مثل عمري، جاؤوا من قطري نفسه يحملون ذات الدم وذات الحلم وذات الطموح. نحن تجمعنا في ظروف أهّلتنا لنرتشف شيئا من خبرات بعضنا، فعرفت كم هم في نهوض .. وكم نحن في سُبات!
أعبر عن فكر جيلي
أعبر عن فكر جيلي
عدنان الكاتب - مجلة هي
1 January 2009
نسرين غندورة روائية سعودية ارتبط اسمها بروايتها الشهيرة "النهر الثالث" التي تصدرت قائمة الكتب الأكثر
مبيعا على مواقع كثيرة من بينها النيل والفرات مؤخراً.
الروائية السعودية نسرين غندورة ل "هي": اعبر عن فكر جيلي من خلال نماذج واقعية والإعلام ظلمنا كثيراً.
كيف أصبحت روائية؟
عشقت الأدب منذ طفولتي. وكنت أقضي معظم أوقات فراغي في القراءة والكتابة، مما ساعدني على تنمية موهبتي.
من أين ينبع "النهر الثالث"؟
من أخبار الحرب على العراق التي تصدرت وسائل الإعلام العالمية لفترة طويلة، فقد أوحت لي تلك الحرب التي دمرت البشر والحجر بفكرة الرواية.
ألم تواجهي صعوبة في الكتابة عن بلد لم يسبق لك زيارته؟
واجهت صعوبة في جمع المراجع والمعلومات اللازمة لكن التجرية كانت ممتعة ومفيدة. كنت أشعر بالسعادة وأنا أري الحبر يتدفق من بين يدي كلمة، فجملة فسطر ثم فصلا فرواية.
ماذا تقصدين ب "النهر الثالث"؟
بما أن أحداث الرواية تدور في العراق أرض الرافدين فقد أضفت لهما نهراً ثالثاً، تكون من الدموع التي ذرفها الشعب العراقي أثناء الكوارث المتتاليةالتي عاناها، فقد تصورت أن هذه الدموع تكفي لتكوين نهر بالفعل. كما أن النهر الثالث رواية تعبر عن الأمل الذي يولد من رحم الألم، لذلك كانتالبطلة مدينة بغداد فقد شهدت الكثير من الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية لكنها كانت تستعيد مجدها ومكانتها مرة بعد أخرى.
يميل الكتاب السعوديون في السنوات الأخيرة إلى كشف خبايا المجتمع السعودي وإفشاء أسراره، فلم غردتي خارج السرب؟
اخترت موضوع الحرب على العراق لأنه أثار الكثر من التسؤلات في ذهني. فقد كنت أعرف كيف يموت الناس في الحرب. ولكنني لم أكن أعلم كيفكانوا يعيشون في هذه الظروف الصعبه. وهذا ما دفعني للبحث في الموضوع والتعمق فيه. كما أن المجتمع السعودي لا يعيش بمعزل عن المجتمعالدولي، فنحن نهتم بكل ما يدور في العالم ونتفاعل معه.
قلت أن مدينة بغداد هي بطلة روايته، هلا وضحت قصدك؟
البطلة هي مدينة بغداد. فقد تخيلتها كلوحة فنية مدهشة مفعمة بمواقف مؤثرة ومشاعر إنسانية عميقة جديرة بالتأمل، استخدمت شخصيات الروايةتماماً كما تستخدم كشفات الإضاءة في المعارض الفنية، فهي توزع على زوايا معينة بطريقة مدروسة، لإبراز كل تفاصيل اللوحة ألوانها خطوطها،وتفاعل كل عناصرها مع بعضها البعض. من خلال هذا الطرح أخذت القارئ إلى بغداد التي لم يزرها من قبل لكي يرى ما فيها ببيصرته ما لم يتمكنمن رؤيته ببصره. لا أنكر أنها مغامرة خطيرة، فقد أعدت قراءة الأساطير البابلية برؤية معاصرة، وقمت بتوظيف ذلك درامياً لخدمة مضمون الرواية. لقدكانت تجربة غنية بالفعل.
كيف كان رد فعل القراء على ذلك؟
بصراحة كانت ردود أفعالهم متنوعة. فبعضهم تقبل هذا الأسلوب واستمتع به. في حين فضل بعضهم الأجزاء الأخرى كونها أقرب إلى أساليب السردالتقليدية.
اشتركت في عدة معارض كتاب في بيروت وأبوظبي. وكان لك أكثر من لقاء مباشر مع القراء خلال تظاهرات ثقافية أخرى، كيف تصفين هذه التجربة؟
كانت تجربة ممتعة منحتني فرضة للتواصل من القراء وتبادل الأفكار والأراء معهم.
لاحظنا أنك سلطتي الضوء على فئة الشباب في روايتك؟ فلم فعلت ذلك؟
أردت التعبير عن فكر جيلي من خلال نماذج واقعية. فقد ظلمنا الإعلام كثيراً.
وكيف ظلمكم الإعلام؟
معظم وسائل الإعلام تتناول النماذج السلبية من الشباب والشابات. ولكننا في الواقع نجد الكثير من النماذج الإيجابية المشرفة التي تستحق التقدير والتشجيع. لأنهم يبدعون في مجالاتهم ويحسنون توظيف كفاءتهم. اعتقد أن نشر قصص نجاحهم سيلهم الشباب الآخرين ويشجعهم على التمسك بقيمهم والكفاح من أجل تحقيق أهدافهم.
من أين تستوحين شخصياتك؟
من الواقع لكنها خياليه مائة بالمائة. حيث لا وجود لأي منها في الواقع، وذلك لأنني أكون الشخصيات من أجل خدمة الرواية.
وكيف تكونينها؟
أثناء الكتابة تزورني (تخطر ببالي) شخصية فأعلملها وفق تقاليدنا العربية الأصيلة... أصب لها قهوة الحبر حتي يظمأ الخيال، وأطعمها ما لذ وصدق من المعاني. وبعد ذلك تتنفس وتتصرف بتلقائية فتدهشني وتمتعني.
هل تتبعين عادات معينة عندما تكتبين؟
اكتب نهاراً في مكان هادئ واستخدم قلم رصاص.
ما رأيك في تصنيف الأدب النسوي؟
أنا لا أميل إلى استخدام هذا النوع من المسميات. لأننا إذا قرأنا نصا ما. لا نستطيع أن نحدد إذا كان الكاتب رجلاً أو امرأة. لأن ما يهمنا هو جودة النص. وتبقي تقاصيل ثانوية برأيي.
أنشأت صفحة خاصة بروايتك على موقع "فيس بوك". ثم أطلقت موقعك الإلكتروني مؤخراً. فما مدى أهمية هذه الخطوة بالنسبة إليك كروائية؟
خطوة مهمة تتيح لي فرصة التواصل مع القراء وتبادل الأراء. علاوة على أنها مرجع يوفر معلومات متكاملة لكل المهتمين بالرواية.
وماذا عن روايتك الجديدة؟
مازلت أعيش أحداثهاوأتعرف على شخصياتها. وعلى الرغم من أنها أرهقتني كثيراً إلا أنني استمتع بكتابتها. واسعى على الدوام إلى اتمامها.
The Mysterious Third River
The Mysterious Third River
Laura Bashrahil - Arab News
28 November 2008
Young writer catches Arab world’s imagination
Literature was her hobby; reading a lot made her passionate about being a writer one day. With support of the family, Nisreen Ghandourah, wrote her first novel in 2006.
Ghandourah is a 24-year-old Saudi who graduated from Dar Al-Hekma College in Jeddah with a bachelor’s degree in Management Information System (MIS) in 2005.
According to Ghandourah, when someone writes, he or she is contributing to literature, so it should be something really valuable and the writer should work very hard on the project. To her, “every word has a meaning.”
When the war in Iraq started, Ghandourah was inspired to write and she chose Iraq as her setting to reflect Saudi and Arab opinions alike on the war in Iraq.
Through three major characters in her novel, Ghandourah approached the issue of the Iraqi war. The characters were two Arab journalists that went to Iraq to
cover the war and an Iraqi who accompanied them. She used the dialogues of these three as a medium to project what people thought about this war.
“From a humanistic point of view, Arabs and non-Arabs all agreed on the same point of not wanting this war to happen,” she told Arab News.
The name of the novel “Al-Nahr Al-Thalith” which means “The Third River” in English, and is written in such a metaphoric way about Iraq. “I didn’t say it straight forward because I wanted people to think more about it,” she said.
Iraq is known as Bilad Al-Rafidayn, which is also called Mesopotamia (which means” land between the rivers”). Ghandourah, in her novel, added an imaginary river, which describes the novel’s name, “The Third River.”
“The third river is a river of tears. I said it’s tears because tears are water and water is life. It was symbolizing the pain that turns into hope,” Ghandourah added.
Her novel is not just her imagination. To her it has an important moral tale and lots of information about Baghdad. She wanted to expose readers to the city’s social life and traditions.
“We get to know about other countries by traveling, or when you meet people. Iraq has another situation because of the war,” she said. “This war was disastrous. Everybody was against it but yet it took place. The outcome of the war is a total failure. People are still suffering and terrorism still exists.”
According to Ghandourah “art loves the extremes.” One of her goals in writing is to create something new, covering areas that were not covered.
She has participated in Riyadh, Abu Dhabi and Beirut book fairs.
For the first time this year Ghandourah participated in the Arab Thought Foundation seventh conference in Cairo “FIKR 7” with her first novel, “Al-Nahr Al- Thalith.”
The Arab Thought Foundation is an independent, nongovernmental and international foundation. It is an initiative to preserve and promote Arab values. It is concerned with all fields of knowledge covering sciences, medicine, economics, administration, media, literature and arts, and exerts efforts to unify the intellectual and cultural action that advocates Arab solidarity, development and preservation of Arab identity.
تقلص العالم اليوم ولم يعد قابلاً للتجزئة
صحيفة التحولات
زاهر العريضي - صحيفة التحولات
12 January 2008
فليتحدث أصحاب الجرأة عن أنفسهم أما أنا فأسعى إلى الأصاله في الإبداع
نسرين غندورة، روائية سعودية، مازالت تخطو خطواتها الأولى في عالم الكتابة، تتلمس بثبات مجريات عالم الإبداع والبوح عن هموم العالم العربيفانطلقت في روايتها "النهر الثالث" من العراق رغم أن الكثر قد يظنون أنها ستتجه إلى الأدب النسوي، كما درجت عادة معظم الكاتبات العربيات.وبالطبع تتمتع نسرين بخصوصية تجذب الصحافة إليها كونها كاتبة سعودية، لمع اسمها في الآونة الأخيرة.
التقتها "تحولات" وكان معها هذا الحوار الخاص عن روايتها وعن موقفها من الجرأة والتحرر وعلاقتها الخاصة جداً بالعراق!
بداية،ماذا تحدثينا عن تجربتك الأولى في العمل الروائي (النهر الثالث )؟
تناولت في روايتي الحرب على العراق من منظور إنساني، ومن خلالها يتسنى للقارىء السفر إلى بغداد بصحبة فريق صحفي، ليرى ببصيرته ما لميدركه ببصره، فقد ظلت بغداد محاصرة خلف قضبان الحروب ومقيدة بأغلال الحصار حتى كدنا ننسى ثراء تراثها وعراقة تاريخها. لم نعد نسمع عنهاسوى أخبار الموت و الحصار. في( النهر الثالث ) نقرأ ما بين السطور في يوميات بغداد، نعيش معها الموت قذيفة بقذيفة، نسمعها و هي تردد موالاًحزينا كتبته بدموعها على بحر الدم، نشمها وهي تتعطر برائحة الخبز كل صباح. لذلك تعتبر روايتي (النهر الثالث) رسالة وفاء لبلد وهب العالم أولأبجدية، وقدم أبناؤه المبدعين مساهمات قيمة للإنسانية.
من المفارقة ان تكتب كاتبة سعودية عن العراق ، لماذا استحضار العراق بالرواية السعودية؟
لم أسأل نفسى هذا السؤال عندما كتبت ( النهر الثالث)! شغلتني قضيه الحرب على العراق كما شغلت الرأى العام في العالم بأسره. والشارعالسعودي لم يكن بمعزل عما يدور في العراق مطلقا، فقد تقلص العالم اليوم ولم يعد قابلا للتجزئة!
تحدثنا الكاتبة السعودية (بدرية البشر) عن اكتشافها ان الرجال هم اقل تحررا من النساء، كيف ترين ذلك ؟
لا أقتنع بالتعميمات، لكل شخصية صفتها التى تميزها من غيرها سواء كانت رجلاَ أو امرأة.
برأيك إلى أين تاخذ العزلة الفكرية المرأة السعودية اليوم ؟
لا يوجد أي رابط بين المرأة السعودية والعزلة الفكرية، لأن العزلة الفكرية موقف شخصي يأخذه الانسان سواء كان امرأه أو رجلاَ في أي مكان أوزمان! بامكان أي شخص أن يطلع على العلوم والفنون ليواكب كل جديد ويتفاعل معه، أو أن يأخذ موقفاَ سلبياّ ويبقي بعيدا عن كل ذلك.
مازال حتى اليوم عدد لا يستهان به من الكاتبات السعوديات يستعملن اسماء مستعارة ذكورية لانهن لا يمتلكن القدرة علىالبوح باسمائهن ، كيف ترين هذه المشكلة ؟
الحمد لله أنا لم أواجه هذه المشكله، نسرين غندورة هو اسمى الحقيقي بالكامل.
هل يرقى المشهد اليومي في المجتمع السعودي الى مستوى اقامة حلقات فكرية ؟
بلا شك، الحلقات الفكريه موجودة في المجتمع السعودي منذ بضعة عقود و لها جذور عميقة في تاريخ شبه الجزيرة العربية تعود إلى زمن (سوقعكاظ). أما اليوم فالحلقات الفكرية منتشرة ومتنوعة سواء في النوادى الأدبية العامة أو الصالونات الأدبية و نوادي الكتاب الخاصة أو المؤسساتالتعليمية. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (النادي الأدبي الثقافى بجده) و هو مفتوح لكل من يرغب في المشاركة أو حضور الندوات والفعاليات بدون اشتراط عضوية أو فرض أى نو ع من القيود.
شهدنا روايات تدور حول المراة والرجل والجنس مثل (صمت الفرشات ) ل ليلى عثمان، و(برهان العسل )ل سلوى نعيمي . كيفتنظرين اليها ؟وما هي حدود الجرأة لديك ؟
أهل مكه أدرى بشعابها. كاتب الرواية هو خير من يتحدث عنها و ربما تكون الرواية خير من يتحدث عن كاتبها. في روايتي أسعى إلى الأصاله فيالإبداع والتجدد في الطرح مع المحافظة على القيم الأخلاقية والفكرية.
بعد (النهر الثالث) هل نحن على موعد مع نهر رابع ؟
أتمنى أن ينبع النهر الرابع في العراق و يكون (نهر سلام). وبخصوص روايتى المقبلة أنا أعكف على كتابتها منذ مدة لكننها لم تكتمل بعد.
للمرأة دور جوهري وفعال في الأدب والحياة
مجلة مرامي
قاسم سعودي - مجلة مرامي
1 May 2007
الروائية نسرين غندورة تدخل الشارقة فتعشقها من أول نظرة
بحبر يحلق بأجنحة المدينة الصابرة، وبسرد يقترب من مسافات تعلن الصدق والبساطة والعفوية رداءً للكتابة، تبدأ الكتابة السعودية مسيرتها الإبداعيةبرواية حملت عنوان (النهر الثالث) والتي صدرت عن الدار العربية للعلوم، وتعمل الآن على روايتها الثانية، وهي لم تكمل الثالثة والعشرين بعد، بصبرتفوح منه رائحة الواقع ويبتسم منه عطر الخيال، في روح لغة تحاكي الإنسان والمحبة والضمير وبعيون عائلتها التي كان لها الدور الرئيسيوالإيجابي في بلورة موهبتها ونضج طموحها. تكتب بالقلم الرصاص وتعشق الشارقة وتتنفس بغداد بكل طقوس المدينة الملأى بحنطة التعب الموروثةمن جلجامش الطين والتصبر والمصير. فكان لمرامي هذه الوفقة في حوار معها بعد انطلاق مسيرتها في الرواية العربية السعودية.
كيف كانت بدايات الكتابه؟ و هل لها شذرات من أرجيح الطفولة و نفحات الصبا ؟
أوافقك الرأى كل شيء بيدأ بالطفولة..في صغري كنت متشوقة للاتحاق بالمدرسه وتعلم الكتابه، وأثناء دراستي وجدت نفسي في مادة التعبير، حيثكانت الماده الأكثر إثاره لفكرى و الأقرب إلى قلبي. عندما أكنب أشعر أن القلم يقودنى باتجاه لم أسر فيه من قبل. فاللغه هي أدق و أجمل وسيلهللتعبير و التواصل. و هذا ما يميز الأدب عن غيره من الفنون فهو ذلك الصدر الرحب الذي يحتضن الأنسانية بكل ما فيها من تنوع و نتاقض وتجانس.
أين تجدي نفسك الآن في خارطة الكتابة الأنثويه في الوسط الثقافى السعودي، و ما هو الصدى الذي تركته روايتك الأولى كونهاتحاكي و تشاكس واقعا عربيا معاصرا بعيدا عن فضاء المكان؟
على خارطة الكتابة الأنثوية في الوسط الثقافي السعودي أحتل مساحة رواية شمالها معاناة وجنوبها ترقب غربها حزن وشرقها أمل، مساحتها لاتتجاوز 255 صفحه إلا أن معانيها تتخطى حدود كلماتها. تنوعت الأراء حول روايتي فلكل قارئ معاييره الخاصة في التقيم، لكن موضوع الرواية شغل القاصي و الداني ولم يكن الواقع السعودي بمعزل عن الواقع العراقي الذي مازال جزاء من يوميتنا بكل مجرياته وتداعياته.
هل يرتبط الانجاز الابداعى بطقوس لدى الكاتب بطقوس آخرى غير المكان، فلكل مبدع حدسه الخاص في استسقاء مسافاتالحبر و الحلم و الحياه فما هى طقوس الكتابة لدى نسرين غندورة؟
عموما أفضل الكتابه في مكان هادئ واستخدم القلم الرصاص، لكن طقوسى في الكتابة تتغير من وقت لآخر...فلا يوجد لدى طقوس معينه أو أمكانأو أوقات للكتابه. أرحب بكل الشخصيات التي تزورني بلا استثناء في أي وقت وأي مكان، أفتح لها بوابه احاسيسى على مصرعيها . وعندما تزونيأو بالأحرى تسكنني أي شخصيه أحتفي بها على طريقتنا العربية الأصيلة ..فأفرد لها مساحات شاسعه من الورق ولأرق والوقت، وأسقيها قهوة الحبر حتى يظمأ الخيال وأطعمها ما لذ وصدق من المعاني حتي أكاد أسمعها و أرها و ألمسها أحيانا.
لا يحتمل الأبداع التذكير و التأنيث خصوصا بعد شيوع الأدب النسائي فماذا تقول نسرين غندورة عن هذا المصطلح خصوصابعد تزايد دور المرأه و الاحتفاء بها في النظريات النقدية الحديثة لا سيما أن صوت المرأه يحتل بؤرة اهتمام كبيرة في روايتكالأولى؟
للمرأة دور جوهري وفعال في الأدب والحياة على حد السواء، برأيي يرجع شيوع الأدب النسائي إلى ارتفاع نسبه النساء المتعلمات في الوطنالعربي و بالتالي ازداد الأنتاج الأدبي النسائي وهي ظاهرة صحية ومشرفة. أما صوت المرأة في روايتي كان صدى لصوت المرأة في الحياة فالمرأةهي مصدر الحياة كونها الأم ودورها لا يقتصر على الأنجاب حيث يستمر عطاءها باستمرار حياتها، فنراها في السراء والضراء تعطي بكل سخاءوبلا تردد، ويزداد دور المرأه فعاليه في المحن والأزمات حيث أن تضحيتها وصبرها تحافظ على استقرار الأسرة و تماسكها في أحلك الظروف.
لماذا النهر الثالث؟ و خصوصا بأن المدينه بكل طقوسها المعذبه هى بطله الروايه؟
بغداد سكنتنى أو بالأحرى سحرتني، لا أعرف سر ذلك لكنها مدينة اختصرت سحر الشرق بحميمة مذهله.فهي بتراثها الأصيل وتاريخها العريق، ومعالمها المتمردة على الموت و الدمار...كتبتنى و فجرت النهر الثالث من داخلي فسال حبري على روقي رواية للمدينة بكل شوارعها، حروبها، مقاهيها،وضحكات أطفالها العذبة.
كيف وجدت الشارقه كعاصمة للثقافة العريبة؟
كان لى شرف المشاركة بمعرض الشارقة للكتاب 2006 و قد استفدت و استمتعت بهذه التجربة، فقد كان المعرض غنيا بالكتب والضيوف والزوار والأنشطة والندوات، كما تميز المعرض بحسن التنظيم و توفير المعلومات للزائر رغم ضخامته.. جميل حقا أن نرى التطور العمراني و التجاري مواكبللتطور الثقافي في مدينة تعشقها وتعشقك منذ اللحظة الأولى
النهر الثالث في العراق
صحيفة البلاد
منى مراد- صحيفة البلاد
23 March 2007
الروائية نسرين غندورة لصحيفة البلاد
النهر الثالث...هو أول باكورة رواياتها القصصية التي طرحتها في أسواق المكتبات قبل أيام...والتي تعني نهر من الدموع
وهو عمل أدبي يثير حفيظة نفوس عدد من الروائيين الذين قرأوا عن شعب محتل وهو شعب العراقي ورسمت اسم النهر الثالث عنواناً لروايتها...والتيتعني أنه نهر من الدموع الذي أضيف إلى النهرين "الفرات ودجلة" الموجودين في العراق...وهي دموع النساء الثكالى والأطفال اليتامي نتيجة فقدانهم لأحبائهم من الأزواج والأشقاء والأقرباء الذين ماتوا في الحرب على العراق على يد أمريكا المحتلة
إنها الروائية السعودية الشابة التي استضفنها اليوم لنتحدث عن باكورة روايتها الجديدة...والهدف من هذا الاختيار لروايتها
كما تطرق اللقاء إلى الحديث عن روايات بعض الكتاب والكاتبات الذين خرجت أقلامهم من المحابر لتسطر قصص وروايات الشارع السعودي. بجرأةالكلمة وقوة العرض القصصي...كما تحدثنا عن أيها في رواية بنات الرياض التي هجمها الكثير ممن قرأها.لأنها جسدت واقع الفتيات بتفاصيل دقيقة دون رتوش. وغيرها من الأسئلة التي تطرقنا لها خلال حوارنا القصير معها
فإلى اللقاء
اختصري لنا سيرتك الذاتية
اسمى نسرين غندورة، مواطنه سعودية، ولدت و نشأت في مدينة جدة، حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة نظم المعلومات من كلية دار الحكمة بجدة، حاليا اعمل في إدارة المشاريع بمؤسسة دار الأعمال الهندسية صدرت لى رواية النهر الثالث في أواخر العام الماض 2006
ما اللذي دفعك لدراسة تخصص علمى رغم ميولك الأدبي؟
اخترت أن تكون دراستي فى مجال علمي لأنني حريصة على توسيع مداركى و الإلمام بشتى العلوم، لذلك اعتبرت الأدب هواية، بالإضافة إلى ذلك أردت أن أكتب بحرية مطلقه وألا أكون مقيدة بواجب وظيفي يفرض على نمط معين أو موضوع محدد للكتابة، أو يقيدني بزمن لإنجاز موضوع ما.
أصدرت باكورة إصداراتك (النهر الثالث) هل تعطينا شرح مفصل عنها؟ ولماذا اخترت فكرة هذه الرواية في أول أصدار أدبي لك؟
النهر الثالث هو عنوان الرواية، أما موضوعها فهو الحرب الاخيرة على العراق 2003، تسلط الرواية الضوء على أحداث الحرب من خلال شخصياتهاالمحورية الثلاثة علاوى وعماد وأحمد وهم يعملوم ضمن فريق عمل صحفي يغطى أحداث الحرب ويرصد أثارها على الشعب العراقي، و قمت باختيارموضوع الحرب على العراق ليكون موضوع رويتى الأولى بسبب ما شهدته و قرأته عبر وسائل الاعلام عن معانات الشعب العراقي لا سيما الأطفال والنساء بسبب الحروب المتتاله والحصار المتواصل الذي ترك أثاره المدمرة على الشعب العراقي الشقيق.
متى بدأت كتابة هذه الرواية؟ و كم استغرقت من الوقت لانجازها؟ مع شرح فصول الروايه باختصار
بدأت كتابه روايتى (النهر الثالث) في أواخر عام 2003 وقد استغرقت كتابتها عامين لأنني قمت بجمع العديد من المعلومات عن العراق لكي أتمكنمن كتابة الرواية وبالتالي احتجت إلى الكثير من الوقت، من خلال روايتي ذكرت يوميات فريق صحفى عربي يعمل لتغطية الحرب على العراق و مايمرون به من مواقف حرجة و يواجهونه أهوال أثناء تأديتهم لعملهم بأصرار و إخلاص. و نظرة كل منهم إلى العراق وتوقعاتهم إلى نتائج الحربوتأثيرها على مستقبل العراق.
ما اللذي يميز روايتك كأديبة سعودية؟ و هل تشعرين بأن القارئ سيعيش تفاصيلها الحقيقية مع فصولها الإنساسنية التى جسدتها روايتك. (النهر الثالث)؟
لقد تكرر طرح هذا السؤال على بصيغ مختلفة و مضمون واحد ألا و هو: لماذا كتبت عن العراق و أنت سعودية؟
لم أفكر في هذا السؤال عندما كتبت روايتي، آمنت بقضية الشعب العراقي و شعرت بأهمية التطرق إليها و إبرازها للعالم. و قد حاولت من خلالالرواية أشعار القارئ الكريم بمدى معانات المواطن العراقي اليومية في وطنه المحتل.من خلال مقارنه وضع الشعب العراقي بغيره من الشعوب فيظل تهدور الوضع الأنساني في العراق. وأذكر الضمير الأنسانى العالمى بمعالم مدينة بغداد العريقة (عاصمة الخلافة الأسلامية) وتراثها العريق الذيظل محاصراً ومجمداً ايضا بسبب الحرب والدمار.
مؤخرا شهد عالم الرواية ظهور الكثير من الأقلام السعودية الشابة لا سيما الفتيات؟ فما هي العوامل التي ساهمت في هذا الظهور و الانتشار؟
أعتقد أنها ظاهرة طبيعية بسبب ارتفاع نسبة الفتيات السعوديات المتعلمات في ظل الرعاية التي توليها حكومتنا الرشيدة لقطاع التعليم، بالإضافةإلى تطور وسائل الاعلام و شبكة الأنترنت، أضف إلى ذلك تطور دور النشر العربية و تتعدد وسائل الترويج للكتاب الذي سهل لهن الإطلاع على جميعأنواع الأداب العربي و العالمي. و كل هذه العوامل ساهمت فى انشار المعلومات و توسيع افاق الثقافة لديهن. و المرآة السعودية لم تكن بمعزل عن ذلكفشهدنا غزارة فى الأنتاج الأدبي السعودي وبالتالى صدور العديد من الروايات لأديبات وأدباء سعوديين، أذكر على سبيل المثال لا الحصر الأديبوالناقد عبده خال في أحدث إصداراته(فسوق) والروائي أحمد أبو دهمان الذي لاقت روايته(الحزام) نجاحا عالميا، و لا ننسى (بنات الرياض)للروائية الشابة الدكتورة/رجاء الصانع التي أثارت جدلا في الأوساط الثقافية العربية بسبب طرحها الذي وجد البعض فيه جرأه و خروج عن المألوف،بالإضافة إلى رواية(مزامير من ورق) للأديبة الصحفيه نداء أبو علي التي عبرت عن نظرة شاب سعودي لوطنه بعد عودته من الغربه، و أخيرا و ليساخرا الروائى الجرئ محمد علون مبدع (سقف الكفاية) واعتقد أن السنوات المقبله سنشهد ظهور المزيد من هؤلاء الروائيين السعوديين الذينسيعبرون عن تطور المجتمع السعودي ويطرحون قضاياه بوجهات نظر مختلفة.
ذكرت بأن رواية (بنات الرياض) خرجت عن المألوف وبالتالي هوجمت؟ فهل كان هذا الهجوم مبررا برأيك؟
لا أدري لماذا هوجمت بنات الرياض، برأي هي رواية واقعية اختارت نماذج لفتيات من الرياض وروت قصصهن بدون رتوش، لا يمكننا أن نحصر بناتالرياض في الشخصيات المذكورة في الرواية و لا يمكننا أن نستثنى هذه الشخصيات من بنات الرياض لأنها موجودة في الواقع. و بالتالي كان منالأحرى أن تسمى (بنات من الرياض).
هل صحيح في نظرك بأن الكاتب يجب أن يعرى تفاصيل واقعه لكى يستطيع الوصول إلى الكمال في الروائة الناجحه؟
يجب على الكاتب أن يكون مؤمناً بالقضية أو الموضوع الذي يتناوله بالطرح لكي يعبر عنه بصدق وبالتالى يوصل رسالته إلى القراء، لذلك يلجأ لفتحالجروح في بعض الأحيان. كما كان حال رواية (عمارة يعقوبيان) التى تحولت إلى فيلم سنمائي ومازالت مثيرة للجدل لأنها عبرت عن واقع المجتمعالمصري والتغيرات التي طرأت عليه في السنوات الأخيرة.
بالعودة إلى روايتك (النهر الثالث) هل تتوقعين أن تلاقي روايتك نفس الهجوم الذي لاقته (بنات الرياض)؟
روايتي (النهر الثالث) مختلفة عن رواية (بنات الرياض) من حيث الطرح والمضمون. فلا يمكنني الحكم من خلال هذه المقارنه، لكنها عمل أدبي يبقي موضوع للنقاش و النقد وتبادل الأراء خصوصا أنه إصدار حديث.
خرجت إلى أسواق المكتبات العديد من الروايات والقصص الأدبية التي ألفها كتاب و كاتبات سعوديين و التي جاء مضمونها يتحدث عن واقع المجتمع السعودي بجنسيه؟
ثورة الإعلام و التعليم أدت إلى تطور تدريجي للمجتمع السعودي بكافه عناصره، وبالتالى أصبح الرأي العام السعودي أكثر نضجا وأقل تحفظا عما كان عليه في السابق فانعكس هذا النضج على الأنتاج الأدبي السعودي.
ما هى طموحك و تطلعاتك المستقبلة، بأي قطار تنوين الالتحاق؟ و أي محطة تقصدين؟
أتمنى أن يوفقنى الله وأن تلاقي روايتي النجاح و تترك صدى جيد في عالم الأدب، وأن أكون نموذجاً مشرفاً للروائيات السعوديات. بصفة عامة، سأكمل رحلتى مع الأدب ولا أدري في أية محطة سأقف
من هو مثلك الأعلى و من ساعدك للوصول إلى ما وصلت إليه؟
مثلي الأعلي هو رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم. وأشكر والديّ وأسرتي الصغيرة لدعمهم وتشجيعم لى بكافة السبل، حيث قام والديبمساعدتى في جمع العديد من المراجع ورافقني في رحلتى إلى الإمارات لحضور معرض الشارقة للكتاب. فأدعوا الله عز وجل أن يجازي والديّ عنىخير الجزاء
لاحظت أنك ختمت روايتك بكلمة (استمرت) في حين أن معظم الروايات تنتهي بكلمات مثل تمت أو اتنهت؟ فماذا انهيت روايتك باستمرت؟
اخترت كلمة استمرت لتكون اخر كلمة في روايتي تعبيرا عن الأمل و التفاؤل بمستقبل أفضل للعراق الذي كان تاريخه حافل بالأزمات المختلفة ومع ذلك كان مهدا للحضارت وسيظل كذلك وهذا ما أشرت إاليه (باستمرت)